منذ عقدين وكرة القدم السعودية تعيش وهم الاحتراف، إذ إن كل أضلاع اللعبة لا ينتسبون للعملية الاحترافية من بعيد أو قريب، فالعلاقة بينهما لا تعدو انتساباً على الورق، غير أن الحقيقة تفضح طبيعة هذه العلاقة، وتثبت بالدلائل أن الارتباط بينهما باطل.
من لا يعرف واقع الكرة السعودية قد يظن فعلاً أن ثمة عملية تصاهر بينها وبين الاحتراف قد تولد عنها واقعاً كروياً يحمل من سمات الاحتراف الكروي الكثير؛ لكن الحقيقة غير ذلك تماماً، فالتفاصيل تفضح أن تلك العلاقة الزائفة إنما انتجت احترافاً كروياً مزوراً، فلا هو ابن شرعي لها، ولا حتى ابن لها بالتبني.
أي احتراف كروي هذا الذي تدعيه الكرة السعودية وهي لا تملك أي شيء يمكن لها أن تثبت هذا الانتساب، فاتحاد الكرة نفسه والذي يفترض أنه القائم على مشروع التصاهر لا زال في علاقاته الرسمية مرتهن لرعاية الشباب كمؤسسة حكومية، وغير قادر على تحمل مسؤوليته لوحده؛ بدليل أنه لا زال يمد يده بالسؤال بحثاً عن من ينقذه من حالة العوز والفاقة التي يعيشهما، وما لجوؤه لوزارة المالية لمعالجة مديونياته المتراكمة إلا دليل على ذلك.
أما الأندية التي يقال عنها إنها محترفة فلا زالت هي الأخرى تائهة. ليس فقط في إثبات نسبها للاحتراف، بل حتى في إثبات أصل وجودها، ما بين كونها أندية حكومية أم أهلية؛ إذ إنها لا زالت تقتات على رعاية الشباب كمؤسسة حكومية بدءاً من منشآتها، مروراً بتشكيل مجالس إداراتها، وليس انتهاءً بتفاصيل حيثياتها اليومية، في وقت تتعلق بأذيال اتحاد الكرة كمرجعية لها أمام المؤسسات الدولية، كونه ينتسب في الأصل إلى اللجنة الأولمبية السعودية كمؤسسة أهلية بما يتماشى مع ميثاق اللجنة الأولمبية الدولية.
أما اللاعبون السعوديون الذي يرتدون ثياب الاحتراف، إنما يرتدون ثياباً فضفاضة تبدو بوضوح أنها ثياب مستعارة، وليست مفصلة على مقاسهم، وهو ما جعل اللاعب السعودي يبدو تائهاً داخلها، وإلا فإن ارتداء ثياب الاحتراف الحقيقي من شأنها أن تضفي هيبة على صاحبها، لا أن يبدو متخبطاً فيها كما هو حال اللاعب السعودي الذي عاشت معه الكرة السعودية واقعاً مأساوياً، منذ اللحظة التي حاول فيها تقليد خطوات المحترفين فتعثر في خطواته ولا زال.
في ظل هذا الواقع المتردي تأسست هيئة المحترفين السعوديين في سبيل تشكيل مرجعية تحفظ نسب هذا الاحتراف المزعوم، وتقوم على رعايته، وإذ بالرابطة نفسها تحتاج لمن يحفظ لها كينونتها، فلجأت لتغيير اسمها من هيئة لرابطة وذلك بعد نحو ثلاثة أعوام على إنشائها، وكان يراد منه زيادة تمتين هذه العلاقة غير أن الواقع الصعب بكل تفاصيله ظل في كل مرة يسقط ورقة التوت مصراً على تعرية كذبة الاحتراف السعودي!
الأزمة المالية الراهنة التي يعيشها نادي الاتحاد لم تنشأ فجأة، فقد ورثتها إدارة محمد الفايز من الإدارة السابقة برئاسة اللواء محمد بن داخل الجهني، صحيح أن الأرقام تضخمت مع هذه الإدارة لكن الأصح أن الواقع التركة كانت ثقيلة.