في عهد الأستاذ مسلي آل معمر حضر سبعة مدربين ، ومن اللاعبين لم يبق سوى سلطان الغنام من جيل ٢٠١٧ ، إضافة إلى عدم وجود قانونصارم يتم فرضه على جميع من يعملون في النصر فهل يعتقد أي منتمٍ لنادي النصر أن النصر سيحقق شيء بمثل هكذا عمل ؟!
كرة القدم علم له قواعد ، وأهم هذه القواعد أن تحقيق النجاحات والفوز بالبطولات والاستمرار على ذلك لا يكون إلا إذا كان هناك عمل منهجييخلق كيمياء بين اللاعبين وبين تكتيكات المدرب ، إضافة إلى كيمياء بين اللاعبين أنفسهم ، هنا يعمل DNA النادي بشكل طبيعي ويتم القضاءعلى أعراض أي مرض قبل أن يتعاظم فيصبح حمى أو ربما سرطان ينهش في جسد النادي.
الخطأ الكارثي الكبير الذي وقعت فيه إدارة النصر أنها جاءت بمدرب متحفظ لفرقة كلها تلعب أسلوب الهجوم ، وبذلك كان على الإدارة إما تغييرجلد الفريق كاملا أو تصحيح الخطأ الفني الذي وقعت فيه بتغيير المدرب . حاولت الإدارة التغيير التدريجي بإبعاد خالد الغنام وعبد الفتاحعسيري ، ولكن مالم تنتبه له الإدارة أن المستوى الفني في الملعب لا يحمل DNA النصر ، فالجمهور في الملعب وخلف الشاشات لن يقبلوا أن يرواهذا التحول الجيني من الهجوم والاستحواذ والضغط العالي إلى مجرد فريق مفرغ من هويته الحقيقية ويحاول خلق هوية جديدة قائمة علىالتحفظ تحتاج لسنوات طويلة من العمل لتخلق جينات جديدة لا علاقة لها بما أحب الجمهور النصر على أساسه والذي أسس له الرمز الراحلرحمه الله تعالى ، فالهوية التي أراد خلقها الأستاذ مسلي آل معمر لا تختلف عن أندية الوسط والمؤخرة ولا تتناسب أبداً مع ناد بحجم نادي النصر! لذلك رأينا الفريق التائه الذي رأيناه هذا الموسم ، فمن الواضح أن هبوط مستويات اللاعبين عائد بالدرجة الأولى إلى عدم إيمانهم بما يفعلهالمدرب وما تفعله الإدارة وحق لهم ذلك ، فكيف تستقطبني وأنت تعرف أنني بمواصفات هجومية ثم تأتي بمدرب بمواصفات دفاعية يُجلس المهرةإلى جواره ويبحث عن لاعبين بدنيين فقط ليحقق خططه الدفاعية!
ما يحتاجه النصر حاليا مدرب اعتاد البطولات وأسلوبه قائم على ثلاثة نقاط رئيسية هي الاستحواذ والهجوم واللعب بالضغط العالي في ملعبالمنافسين ، فالإدارة تمتلك الأموال والعدد وصل إلى ٨ محترفين وافدين ، ولذلك لديها القدرة على صناعة أفضل فريق في تاريخ الدوري السعوديعلى الإطلاق . إن النصر الحالي مليء بالنجوم الجاهزين (للبدء) بتحقيق تلك الغاية ، فقط يحتاج المدرب الذي أشرنا إلى أهم مزاياه ، ثم النظرفي متطلباته كل عام وتوفيرها له بالاسم ، فمن جاء بأحد أكبر نجوم كرة القدم عبر التاريخ (كريستيانو رونالدو) قادر على المجيء بأي اسم يلعبفي أندية أوروبا ويلعب في الصف الأول من الأندية العالمية . عندها سنكون أمام مشروع حقيقي سنجني ثماره سنوات طويلة حتى مع تغيرالإدارة في حال ركزت كل الإدارات كذلك على ذات نوعية المدربين وذات نوعية اللاعبين وبذلك سيستمر النصر الذي عرفناه.
إن كرة القدم عمل تراكمي منهجي وليس مجرد جلب أسماء وتوزيعها في الملعب ، فقد سبقنا نادي PSJ لذلك ولم يفلح رغم أن الأسماء التي مرتعليه مرعبة جدا ، مثل إبراهيموفيتش وكافاني وميسي ومبابي ودونا روما ونيمار وفيراتي ودراكسلر ودي ماريا والقائمة تطول بل وتطول جداباللاعبين الأفذاذ الذين مروا على باريس وفي الأخير يخرج من دور ١٦ في الأبطال رغم الأسماء ، بل ويخسر الدوري والكأس المحلية أحيانا! لأنباريس في كل مرة يأتي بمدرب مختلف عن الآخر ، وكل مدرب لا يقبل ببعض نوعية اللاعبين الذين تم استقطابهم ويطالب بتغييرهم ليعملمشروعه ، ولكن الإدارة تقاوم متطلباته ثم يفشل بسببها فتقوم بإقالته وإحضار اسم أفضل منه ويفشل هو كذلك وتستمر الدوامة وباريس هوباريس ، فريق الأسماء الرنانة التي تخسر أكثر مما تفوز
لذلك أعود للنصر وأقول أن ما يحدث للنصر الآن لا علاقة له بعلم كرة القدم ، فعلم كرة القدم يقول أن ممارسات الإدارة تخبطات لن تفضي إلى شيءسوى الفشل والاستمرار في تكراره . الأدهى والأسوأ من ذلك ضعف السيطرة على التسريبات وعلى انضباط اللاعبين في حياتهم الخاصة ، فلايمكن أن يسهر لاعب على الشيشة حتى الفجر وتنتظر منه تقديم مباريات عالية المستوى واللياقة ! لذلك تحتاج الإدارة أيضا التركيز على مسألةالتسريبات ومسألة الانضباط . من المهم أن تكون الإدارة متدخلة في حياة كل اللاعبين فعلم كرة القدم يقول كذلك ، وهذا التدخل في الحياة الخاصةهام بل وهام جدا وسيقبله المحترفون الثمانية لأنهم اعتادوه في أنديتهم الأوروبية وبذلك سيقبله المحليون لأن الأساسيين يفعلون ذلك ، وبذلكسنرى مستوى لياقة عالي في الملعب وفريق هجومي مستحوذ يسر الناظرين.
إن سر لياقة اللاعبين في السيتي يعود لمثل تلك الأجزاء التفصيلية ، فالمدرب الكبير غوارديولا يمنع اللاعبين من شرب المشروبات الغازية.
بل ومن ممارسة الجماع مع زوجاتهم بعد منتصف الليل حتى لا يصاب اللاعبون إصابات عضلية وهذا أحد أسرار نجاح السيتي بدنيا داخل أرضالملعب ، لذلك نقول كرة القدم علم يقوم وفق عمل منهجي تراكمي لتحيق البطولات ولا يتم جني البطولات بجلب اللاعبين العالميين فقط.
عندما تحقق الإدارة المتطلبات المتمثلة بالمدرب الهجومي المستحوذ الذي يلعب بالضغط العالي وتوفر له اللاعبين الذين يطلبهم ، ثم تضبط مسألةالتسريبات وحياة اللاعبين الخاصة فإنها حتما ستجني كل شيء في الملعب وخارج الملعب وستحقق كل شيء يتطلعه المنتمون للنصر.