* “عبدالوهاب” شاب في أوائل العشرينات، يقرض الشعر، ويحب فريق “النصر” إلى درجة الجنون
رغم أنه لم يكن شاهداً على عصره الذهبي، الذي انتهى قبل أن يلتحق “عبدالوهاب” بالمدرسة!
ليلة البارحة كان يراهن بثقة على أن فريقه سيتخطى الأهلي رغم صعوبة المهمة..
تهاوى الحلم قبل أن ينتصف الشوط الثاني، فكتب “عبدالوهاب” بحزن على حسابه في تويتر،
في وسم صنعه هو ورفاقه (#يا_نصر) :
(يعني بتحس لا قلت لك فيني حزن…أقسم بربّ الأفئدة أنيّ حزين)
*”عبدالوهاب” أمثاله كثر، اختاروا النصر رغم أنهم مذ ولدوا لم يروه بطلاً لأي من البطولات الكبرى،
وهذه حالة نصراوية بامتياز، حيّرت كل الرياضيين، متابعين ونقاد.
هذه الحالة أرى أنها رغبة من هؤلاء في التميّز بمخالفة “القطيع”! والقطيع هنا ثلة لا تفقه كثيراً في كرة القدم،
وإذا سُئلت: أي نادٍ تشجع؟ تختار بلا تردد النادي المسيطر وقت السؤال!
جماهير النصر “الجديدة” دخلت المدرجات من بوابة “الهروب من القطيعية”!
*على الضفة المقابلة، جماهير نصراوية أدركت “الربيع النصراوي” الذي صنعه “ماجد” ورفاقه،
لا زالت تمارس حبها في صمت..أحياناً يتمرد هذا الحب على الصمت، فيعلو الصوت كلما لاحت بارقة أمل!
لكنها أقرب للحياد والفرجة أمام واقع مر، وأميل إلى إشباع حبها بـ”النكوص” إلى زمن حلو.
*أنا أحد من “تورطوا” بـ”النصر الماجدي”..
كانت مداركي بدأت لتوها تتملس الطريق، ولحسن الحظ حينها كان الأسمر مالئ الدنيا وشاغل الناس،
ولم أتردد ولو للحظة واحدة في الانحياز له قبل أن أعرف إلى أي فريق ينتمي، وما كنت مخطئاً أبداً!
ولسوء الحظ اليوم، لا زالت العاطفة متشبثة بأول قرارات الطفل، وفاء لرجل رحل ولم يرحل،
جاء كما لم يجيء أحد قبله، وذهب كما لن يذهب أحد بعده، وترك لنا ورطة الوفاء له،
ولزمن كان هو سيده، وتاريخ هو وحده من صنعه!
*مع كل خيبة نتجرعها بعد ماجد –وما أكثرها-، نعود ناكصين نجتر الماضي، لنسترجع ذكرى ذلك الأسطوري،
الذي أعطى جمهور ناديه كل شيء في الخوالي، وترك لأبنائهم وقفة الحيارى في المدرجات..
يقفون بنفس الطريقة التي كان يقف بها “ماجدهم” متخصّراً كلتا يديه،
تلك الوقفة الشهيرة التي كان يقطع بها لحظات الانتظار!
*اليوم سأردد مع “عبدالوهاب” ورفاقه عجز البيت دون شطره :
(أقسم بربّ الأفئدة أنيّ حزين)
حزينٌ ليس على النصر، الذي لم يعد يعني لي أكثر من ذكرى جميلة..
بل حزين لما آلت إليه أخلاق البعض، الذين ينتقمون من “ربيع نصراوي” كان على حساب قحطهم آنذاك،
بسخرية وكراهية معلنة، وصلت إلى الإعلام الرياضي وبعض رموزه وقادته، تحاول العبث بالتاريخ،
وتشويهه، لتعيد كتابته كما تشتهي، ولسان حال أمانيها الواهمة : “هذا ما كان يجب أن يحدث”.
*أن يتوارى النصر كل هذه السنين، ومع ذلك لا يزال همّاً يجثم على صدور البعض، إلى درجة أنهم لا زالوا
يفرحون بعثراته الممتدة منذ عقد ونصف، فلا تفسير له إلا أن هذه العقول صغيرة إلى درجة أنها تعادي التاريخ،
أو أنهم بهذه الممارسات الصبيانية يحاولون الإجهاز على مابقي من حياة تدب في شرايين “الفارس الجريح الكسير”
لئلا يعاود النهوض، فيعيد ما كان له من سطوة عليهم، أو أن هذا الفارس في زمن قوته وجبروته أثخن في أنداده،
واليوم جاء زمن أبناءهم “الصغار” لينتقموا منه انتقام “الموتورين” الذين لا يعرفون أخلاق الفرسان!
*أيها “الصغار” لكم أن تسخروا من واقع النصر لأنكم تدركون جيداً أن واقعه لا يليق بماضيه، وهنا ما يبرر سخريتكم،
لكن يجب أن تعرفوا أن السخرية والخربشة والنكات السمجة لن تغيّر شيئاً من التاريخ!
إياكم و “الربيع النصراوي” فالتاريخ يحتفظ به في أقصى ذاكرته الفولاذية العصية على كل محاولات التشويه،
والبعيدة كل البعد عن أن تطالها أيدي “الأقزام”.
ناصر المرشدي
NaserAlmarshdi@