يومًا بعد يوم وعبر كثير من الإثباتات العلمية؛ بات من الواضح أن التنشئة البدنية الصحيحة للطلاب في الصفوف الأولية مؤثرة في مسارهم الدراسي والحياتي بشكل كبير، الأمر الذي أصبح معه الاهتمام بهذه الجزئية وإلقاء الضوء عليها أمرًا لا غنى عنه من قبل كثير من الدراسات الحديثة، فالطلاب في هذه السن يحتاجون أن يعبروا عن أنفسهم بدنيًا أكثر من توجههم العام صوب التعلم بمفمهومه التقليدي، حيث الميل للعب والترويح عن النفس والتطلع للاستمتاع بالطفولة هو الشاغل الرئيس لهم، ومن خلال هذه النفسية العامة المسيطرة عليهم يمكن النفاذ إلى سلوكهم وتوجيههم إلى الاتجاه الصحيح المأمول لهم.
معلم التربية البدنية له الدور الأكبر في توجيه الطلاب في تلك المرحلة إلى السلوك الصائب، فهو اللاعب الرئيس في مضمار الأنشطة التفاعلية المرحة التي يقبل عليها الصغار في هذا السن، لذا فأقل التصرفات البسيطة التي يقوم بها من خلال أنشطته المختلفة يمكن أن تؤثر فيهم بشكل عميق جدًا، من هنا فإن إدراك المعلم لموقعه وتقديره له على الوجه الصحيح؛ هو أمر يسهم بشكل كبير في بناء شخصية الطلاب ويأخذ بأيديهم إلى السلوك القويم والصفات الإيجابية المرادة لهم.
ولعل أبرز الصفات التي يجب على معلم التربية البدنية بناؤها في طلابه هي روح التشاركية والإخاء، ويمكن الاعتماد في ترسيخ هذا المفهوم على كثير من الأنشطة البدنية المصاحبة، من نحو الرياضات الجماعية المختلفة والتي لا يمكن النجاح فيها دون التعاون بين أعضاء الفريق الواحد، كما تأتي صفات أخرى من قبيل تقبل الخسارة والنهوض مجددا بعد السقوط كصفات إيجابية أخرى يمكن للتربية البدنية الصحيحة أن تبنيها في نفسية الطلاب وتؤكد عليها، وتلك الصفات لا تتوقف لدى حيزها البسيط هذا؛ بل لها واقعها الفلسفي العميق الذي يبقى ويؤثر في الطلاب على مدى الحياة.
وفي الإطار ذاته على معلم التربية البدنية كذلك أن ينتبه جيدا للصفات السلبية وكيفية حجبها ومنعها من الوصول إلى طلابه، ولعل أبرز الصفات السلبية التي يمكن للأنشطة البدنية إتاحتها هي العصبية الزائدة لدى ممارسيها المُفضية بهم إلى التعصب واستخدام ألفاظ غير لائقة، وهو الأمر الذي يجب التشديد عليه، ليس بالعقاب ووضع الحدود؛ وإنما بالتحاور السلس وظهور المعلم أمام طلابه كمثل حقيقي جيد يقتدى به، إن الموازنة بين بث الصفات الجيدة في الطلاب ومنع السيئة أن تتسرب إليهم هو الطريق الصحيح الذي يجب أن يراعيه معلم التربية البدنية على الدوام.