إن بلادنا الغالية تفتخر بتراثها التليد , و تعتز بحضارتها الماضية , و إن مهرجان الجنادرية تظاهرة حضارية جميلة تتكرر كل سنة , تربط الحاضر الزاهر بحضارة الماضي العريق من خلال الرموز و الأشكال و المجسمات المختلفة التي تروي تلك الحضارة الماجدة التي تأصلت جذورها منذ سالف العصور و الأزمان , و ما زالت حية و باقية مع تعاقب الدهور و الأجيال تحكي للصغار قبل الكبار حال هذه البلاد المباركة في القديم في مختلف المجالات و الميادين ,إنها صور و مجسمات ابلغ من البيان حيث تخبرك عن غاياتها و معانيها , تروي الحياة القاسية و المتقلبة التي عاشها الآباء و الأجداد , و تصور الظروف العصيبة التي مرت عليهم عندما كانت بلادنا بسيطة الموارد في الزمن الماضي . تراث عريق ما بين الحرف المهنية البسيطة و الأدوات المختلفة التي أوجدها الأجداد من بيئتهم الصحراوية , و استخدموها في حياتهم كي تعينهم ـ بعد الله ـ على ظروف الحياة الشديدة , و تخفف عنهم حالة المناخ , و طبيعة التضاريس المختلفة . و هي موروث حضاري توارثه الأبناء و الآباء و الأجداد أجيالا و أجيالا قد نقشوه على الحجر , و دونوه بمؤلفات و اسعة بمداد القلم , و ما زال باقيا حتى اليوم كي تصل تلك الأشكال و الصور و المجسمات على تعدد أسمائها , و اختلاف أشكالها و أحجامها إلى الأجيال القادمة . و لو سالت ـ أخي العزيز ـ كبار السن عن حياتهم الماضية لسمعت العجيب و الغريب من القصص التي تروي الأحداث التي عاصروها و عصرتهم عصرا شديدا حتى صمدوا في هذه الحياة القاسية , و أصبحوا رجالا أقوياء .
و في كل سنة من عمر هذا الوطن المديد يتكرر مهرجان الجنادرية ذلك المحفل الجماهيري الواسع , و الملتقى الاجتماعي و الثقافي و الحضاري و الفكري ما بين طبقات المجتمع , و مشاركة الدول العربية و غيرها , و يكون حلة زاهية مشرقة , يقدم لنا أحلى العروض الجميلة و الصور الحية , و يفعل هذا المهرجان التراث العريق بالبرامج الهادفة , و المنافسات الجميلة , الذي ظل موروثا شعبيا , و سيظل متواصلا يقدم المزيد و المفيد , و ليربط مهرجان الجنادرية هذا التراث الموروث بالحضارة الزاهية و المجد الذي تشهده بلادنا الغالية بلاد الخير و العطاء , و الأمن و الأمان في ظل هذه القيادة الحكيمة , و العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ـ يحفظه الله ـ ذخرا للإسلام و المسلمين و الوطن .
الجنادريَّة والتراث!