قد تكون مباراة النصر والهلال هي المباراة الأكثر تشويقًا وإثارةً على الإطلاق، ولا أعتقد أن هناك أي مباراةٍ في الوطن العربي تعادل قيمة هذه المباراة الفنية، ومدى إثارتها، في حال استثنينا الأهلي المصري والزمالك قبل سنوات، أما حاليًا فقمة النصر والهلال هي الحدث الرياضي الأبرز في المحيط الرياضي العربي، وبالتأكيد تأثيرها الجماهيري والإعلامي محليًّا أكثر من تأثيرها خارجيًّا بحكم المتابعة، وهذا يعني أن المباراة لها صدى عربيٌّ جيد، تلك هي الحقيقة مهما حاول البعض تحويرها أو إحلال مباراةٍ أخرى مكانها كديربي جدة الأهلي والاتحاد أو الهلال والاتحاد، فالواقع يفرض نفسه، وقمة الهلال والنصر منذ أن بدأت الرياضة السعودية تظهر للملأ وهي الأبرز، وهو اللقاء الذي يترقبه الجميع.
فـ (كرة القدم) هي الإثارة والقوة، وما يحدث بين الهلال والنصر على مرّ التاريخ من إثارةٍ وقوةٍ لا تكاد تجدها في أي مباراةٍ أخرى، ترسّخت هذه الفكرة منذ أن بدا التنافس بينهم، وساعدهم في ذلك التوظيف الإعلامي الجيد لهذه الإثارة؛ حتى تكتسب طابعًا جماهيريًّا مختلفًا يختلف عن أي مباراةٍ أخرى.
الحديث عن قمة النصر والهلال يبدأ منذ وقتٍ مبكر، فأول ما تذهب له أنظار المشجعين والإعلاميين حين صدور جدول المباريات هي قمة النصر والهلال، فكل الترتيبات المتعلقة بالشأن الخاص للأفراد المتابعين للرياضة توضع وفق موعد هذه المباراة، فالمجتمع السعودي برمته سواء متابع أو غير متابعٍ يشعر بأهمية هذه المباراة، لدرجة أن أحدهم في لقاءٍ سابقٍ -على سبيل المثال- كان يتعجب من خلوّ الشوارع من المارة، وقلة السيارات، وحين علم بالسبب أطلق سؤالًا من باب الدعابة: لماذا لا يلعب الهلال والنصر كل يوم نريد أن ننهي أشغالنا بعيدًا عن الزحمة ..!؟
إن مباراة النصر والهلال لها تأثيرٌ إيجابيٌّ في المجتمع السعودي، فمعها تظهر روح الدعابة ويتخلص الناس ولو لبضع ساعاتٍ من همومهم ومشاكلهم؛ لأنها تضفي جوًّا من السعادة، ويتغير معها النمط اليومي في حياة الفرد، وأكثر ما يزعج في هذه القمة هو شدة التعصب بين أنصار الفريقين.
في لقاء الجمعة المرتقب يدخل النصر وهو أقل حظًّوظاً من الهلال لكسب المباراة؛ بسبب أن النصر يعاني من الإصابات، وهي إصاباتٌ مؤثرةٌ جدًّا، فالنصر قد يغيب عنه مدافعه البرازيلي برونو الذي يقدم مع النصر مستوياتٍ كبيرة، ويعتبر صمام الأمان للفريق النصراوي، كذلك النصر يفتقد لخدمات كل لاعبي محور الارتكاز (غالب والجبرين وعوض خميس)، وهذا المركز بالذات هو محور كسب أي مباراةٍ كانت مهمةً أو غير ذلك؛ لذا الهلال يدخل هذا اللقاء وهو أكثر جاهزيةً من النصر، ويملك عناصر قوةٍ تمنحه التفوق في قمة الرياض، فالعابد في أفضل حالاته البدنية والفنية، ولديه القدرة على صناعة الفارق، وكذلك محترفيه الأجانب أصبحوا يقدمون أنفسهم بشكلٍ مميزٍ، ويرجّحون كفّة الهلال في أي مباراةٍ يشاركون فيها.
لذلك فإن الهلال وحسب المعطيات التي على الورق هو (عريس القمة)، وفي حال تفوق الهلال على النصر أعتقد أنه سيكون بطل الدوري هذا الموسم وبنسبةٍ كبيرةٍ، فثقة الانتصارات وخصوصًا على المنافس التقليدي له ستعزز من حظوظه في مسيرة الدوري.
أما في حال فوز النصر أو التعادل، فهذا يعني أن باب المنافسة سيتسع لأكثر من منافسٍ، وستحتدُّ المنافسة في الدور الثاني، فلقاء العملاقين النصر والهلال سيكون في نهاية الدور الثاني، وربما يلعب ذلك اللقاء دورًا كبيرًا في تحديد بطل الموسم.
لقاء الجمعة قمةٌ حقيقيةٌ ومتعةٌ رائعةٌ… لن يفسدها إلا التعصّب.
ودمتم بخير…
سلطان الزايدي
zaidi161@