فنون تجهيز “العصبة ” قبل “الفلقة “و اختيار” النخبة” !

كاتبةلطالما كانت نظريّة العالم الموازي التي تتبنّى افتراض أحداث أخرى في مكان آخر وفق مبدأ ” ماذا لو ؟! ” تستفز بداخلي مدينة أفلاطون الفاضلة التي يشاركه الكثيرون الحلم بها ، و لعلّ إحدى الفرضيا في عالمنا الفروسي الموازي هي أن يكون لدينا فريق قفز يضم ” نخبة الفرسان ” نستطيع أن نطلق عليه بالفم الممتلئ اسم ” منتخب ” .
لكنّ لفظٓي ” منتخب ” و ” نخبة ” هما بحق لفظان مهيبان يُحمّلان العازم على اقتحام حُرمتهما و تنصيب نفسه ” حكماً عدل صاحب قولٍ فصل ” في اختيار النخبة و يجعلانه في ” مدينة الفروسية الفاضلة ” وجهاً لوجه مع قوانين العدل التي لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يتجاهلها دون أن تفوح رائحة ” الظلم ” منه ، و عليه فإنّه لا يجب أن يكون ساذجاً لدرجة أن يعتقد بأنّه ” سوف يترك سدى ” !
و لأنّ – حتّى المدن الفاضلة لا تخلو من ذوي النزعات ” الغير متّزنة ” فإننا يجب أن نعد العدّة للحيلولة دون إمضاء ” فتنتهم ” في ” مدينتنا الفاضلة ” لذلك فإنّ ” تجهيز العصبة قبل الفلقة ” إجراء احترازي مهم جداً .
و لأنّ الفُضلاء في مدينتنا الفروسية الفاضلة لا يسرّبون خطط عملهم و لا يعلنون عنها بشفافية و يفضّلون “طبخها ” في الخفاء ثم و ضعها أمامنا أمراً واقعاً فإننا نلجأ في اتخاذ إجراءاتنا الاحترازية إلى طرح الفرضيّات ، و لعلّ أهم الفرضيّات التي خطر لنا أن نطرحها في قضيّة اختيار فرسان النخبة هي :
أولاً : فرضية الاختيار على أساس تصنيف الاتحاد الدولي للفرسان ، فمن البديهي أننا عندما نُقدم على انتخاب فريق يمثل مدينتنا الفاضلة في المحافل الدولية فإننا سوف نُخضع هذا الانتخاب لمقياس مهم هو قدرة الفارس المُنتخب على خوض المنافسات الدولية بجدارة سواء على المستوى العربي أو العالمي ، فالفارس الذي يبرع في الداخل ليس بالضرورة أن يتجاوز إرباك المشاركة الخارجيّة بكامل هيبتها و عليه فإنّ نقاط الفرسان في تصنيف الاتحاد الدولي سوف يكون الفيصل المنطقي العادل ، و أي تعدّي لا يحترم ترتيب مراكز الفرسان في هذا التصنيف هو ظلم صريح يوجب الوقوف أمامه و مساءلة مُرتكبيه .
ثانياً : فرضية اختيار الفرسان على أساس نقاط الدوري المحلّي ، و قد يكون هذا معياراً جيّداً لاختيار فرسان المنتخب لمدينتنا الفاضلة لكنّه يُعاب عليه عدة أمور منها أنّه سوف يحرمنا بدايةً من وجود فرسان مخضرمين هم على الأغلب لا يهدرون وقتهم في المشاركات المحليّة لانشغالهم في المشاركات الدولية و التي هي ” فنيّاً “أعلى قيمة ، إذ أنّ مرحلة التفوّق الداخلي هي مرحلة أوّلية يقطعها الفارس كأوّل محطّة في تطوّره فإذا تجاوزها لم يعد بحاجة للخوض فيها ، كما و يعاب عليها أيضاً أنها تمنح الفرسان نقاطاً و فق معايير منافسة أقل بكثير من تلك التي ننتخبهم من أجلها .
ثالثاً : فرضية اختيار الفرسان على أساس امتلاكهم للخيل المنافسة ، و إنّه لمن المخجل أن نعترف صراحةً بأننا نريد أن نعتمد على ما لدى الفرسان من إمكانيّات كي يمثّلونا ، لكن يبرر ذالك أننا – في مدينتنا الفروسية الفاضلة – نسعى لتحقيق ألقاب و إنجازات من أجل المدينة ، لكن لا يجب بأي حال من الأحوال أن نغفل أهميّة الخبرة التي يمتلكها الفارس ، فلو أنّ خيله قد توجته ذات يومٍ بالصدفة فإنّها لن تصمد معه طويلاً قبل أن يُحرقها نتيجة نقص خبرته و سوف يُحسب علينا عندها اختيار فارسٍ دون المستوى ، و يبقى أن يكون التاريخ “الفنّي ” للفارس مع جياده السابقة و مع تماشيه مع مستوياتها من ارتفاع و هبوط هو الفيصل .
أخيراً : هذه الفرضيّات هي بعض ما اهتدينا إليه و خطر لنا و قد يجيء الفُضلاء في مدينتنا بما لم يخطر على قلب بشر و قد يكون ما يأتون به من فرضيات أكثر جدوى مما طرحنا ، لكن يجب أن ننتبه إلى أنّ اختيار أي فرضية كانت و اعتبارها مقياساً لتصنيف النخبة يجب أن يكون ” بالإفراد ” أي على المُنْتٓخِبْ أن يحدد مقياساً واحداً يعمل على أساسه و أن لا يجمع بين بعضها في آن واحد فيختل ميزان العدل لديه و يصبح كمن يتنقّل بين المذاهب و ينتقي منها ما يُوافق هواه ، أو كمن ” ينقّي طماطم ” !

6