تعد الرياضة من أسمى الوسائل البشرية للتحاب، الألفة، توثيق الروابط، وإضفاء بهجة التشويق والإثارة وإثراء روح التنافس الطيبة، ناهيك عن أنها من أفضل الطرق التي تؤدي بك إلى صحة سليمة وجسد قوي خالي من العيوب والأمراض كالسمنة، بل وتعد الرياضة كرادع طبيعي لكافة السلوكيات السيئة الضارة كالتدخين مثلاً، كما أنها تعد من الأسباب الرئيسية في الترابط بين الأمم وخلق أجواء من المرح والترفيه المصاحبة لمتابعتها على كافة الأصعدة ومختلف أنواعها .
أما الآن فنستطيع رؤية ما آلت إليه الأمور من سيئ إلى أسوأ بعد ظهور التعصب الرياضي، فبدلاً من خلق أجواء صحية لممارسة الرياضة يتم زرع بذور الحقد والتعصب وعدم الرضا في نفوس اللاعبين والمشجعين، بل والرغبة بالأخذ بالثأر من الفائز وكأنه حق مكتسب لابد وأن يتخذ، وقد لوحظت مظاهر عدة للتعصب الرياضي أهمها أساليب التشجيع المستحدثة من استخدام الألعاب النارية وغيرها، وليس ذلك فحسب بل وصل التعصب إلى سب وقذف الفرق الرابحة والتراشق بالأيدي والعراك حتى إسالة الدماء وفقدان الأرواح، وقد حدث ذلك بالفعل في العديد من الدول حول العالم، ومن أول الرياضات التي شهدت الكثير من أنواع التعصب هي كرة القدم فهي تعد من الرياضات صاحبة نصيب الأسد من التعصب الرياضي، فبينما كنت ذاهباً للمشاهدة والاستمتاع إذا بك ترى المآسي والكوارث والمحن، وبلغت كارثة التعصب الرياضي انتشار العداوة بين الأفراد والمجتمع بل والدول وقطع العلاقات، ولن تتوقف النتائج عن هذا الحد بل سيظل المنحنى متخذاً طريقه في الارتفاع وستظل الأزمة تشتد مادامت المجتمعات الحديثة تجهل أساليب التنشئة الرياضية السليمة والتي أنتجت لنا أجيالاً مشوهة لا تعلم عن الرياضة سوى أشكال وجوانب التعصب فقط .
وللبحث عن الحلول وإيجاد الوسائل التي تحد من هذه الأزمة علينا إدراك الأمر جيداً وانتزاعه من جذوره ألا وهي الأطفال ويكن ذلك عن طريق غرس أهمية الرياضة وما تتضمنه من معاني سامية في نفوسهم وزرع الروح التنافسية الطيبة التي تعي أن الرياضة للمتعة والتشويق وليست للتحدي القاتل، وخلق روح الرضا والتي تتقبل الهزيمة بصدرٍ رحب مع تهنئة الفائز بروح رياضية وابتسامة صافية، ووضع قواعد للتشجيع النظيف بعيداً عن مظاهر التعصب الهمجية والوحشية التي وصلنا إليها هذه الأيام، وبالتوعية المستمرة والفعالة لكافة المراحل العمرية وبالوسائل المختلفة عبر المدارس والجامعات والمساجد ووسائل الإعلام حتى تنجلي ظاهرة التعصب الرياضي من مجتمعاتنا شيئاً فشيئاً وعن طريق التنشئة السليمة للأجيال القادمة لتكون خالية تماماً من هذه الظاهرة السيئة الجالبة للكوارث والمحن، ولتعود الرياضة لسابق عهدها سبباً للترابط والإخاء بين المجتمعات والدول ومتعة للشعوب .