ليس عيباً ان تنتمي لنادي معين حتى لو كنت إعلامي وخاصة لنادي كبير كالهلال فالانتماء اليه امر يدعو للفخر ولكن الثقافة السائدة كانت تحرم الجهر بالميول وتعتبره خادشاً للمصداقية ولأن الاعلام المحسوب على نادي الهلال كان المهيمن لفترة طويلة من الزمن فقد رسخ هذا المفهوم حتى اصبح ثقافة هلالية خالصة لان اعلام الاندية الاخرى لم يطبق ذلك المفهوم بل ان المنتمين لأندية معينة كانوا يضطرون الى المجاهرة بالميول او التلميح له لإثبات انهم متواجدون على الساحة وبات كل اعلام يعترف ويفتخر باللون الذي ينتمي اليه
ورغم ان لكل نادي اعلام وصحافة إلا ان السيطرة على معظم الوسائل كانت زرقاء وبعد ان ضاق الوسط الرياضي من اعلام اللون الواحد بات تغير الموازين امر طبيعي لا سيما ان الاربعة الكبار كلها تملك اعلاميين ووسائل اعلامية بنسب متفاوتة.
لكن الاعلام الهلالي كان يتفوق بسيطرة او تواجده بمعظم الوسائل بينما الاندية الثلاث الاخرى تملك اعلاميين دون السيطرة على وسائل اعلامية او تقلد مناصب نافذة فيها.
ويأتي الاعلام الاتحادي ثم النصراوي فالاهلاوي في مستوى متقارب مع افضلية اتحادية
الاعلام الهلالي كان يتحكم في الرأي العام ويؤثر في المزاج العام ايضا بسبب تلك السيطرة ومما ساهم في استبداد الاعلام الهلالي وطول فترة سيطرته هو مجابهة النصر والإعلام النصراوي المحدد بأسماء فقط دون وسائل اعلامية ولم ينجح اعلام النصر في كشف اسرار التفوق الهلالي وتعتيمه على اخطاء ومشاكل فريقه وتأليب الرأي العام ضد الاندية الاخرى لاأن الاخرين ( المتابعين من غير جماهير الناديين) يرونها ردة فعل نصراوية على الهلاليين ويعتبرون كل اتهام يوجهه كتاب النصر لنظرائهم الهلاليين هو بسبب التنافس والتعصب فقط. وهي الحجة التي يلوح بها الهلاليين عند كل نقد يوجه إليهم.
لكن الغلطة التي كشفت الاعلام الهلالي وأضعفته وشتته ايضا بحيث اصبح غير مؤثر بل وفي حالة دفاع بدلا من الهجوم هو الغرور الهلالي بسبب نتائج الفريق الازرق.
لقد شهدت السنوات الاخيرة تفوق باهر للفريق الهلالي في ظل تراجع النصر وهذا اضعف الاعلام النصراوي والذي بات لا يملك قوة في الحجة مما كرس مفاهيم ان الادعاءات النصراوية ضد الهلاليين هي مجرد نتاج للتنافس وتعويض عن واقع الفريق الاصفر.
هذه الظروف جعلت الاعلام الهلالي يحاول ان يسلك نفس المناهج مع اعلام الاندية الاخرى لكنه خسر الرهان فبعد ان اشتدت المنافسة بين الهلال والاتحاد تسلط الاعلام الهلالي على الاتحاديين ونهج نفس سلوكه القديم وهو ما ولد ردة فعل اتحادية بدأت اولا بتفنيد الوقائع ثم بمراجعة تاريخ الاعلام الهلالي وصولاته مع النصر ليتأكد للاتحاديين ان النصراويين كانوا اصحاب قضية عادلة او منطقية إن جاز التعبير. وهي المرحلة التي شهدت نهضة اعلامية اتحادية وتواجد ملحوظ على الساحة.
ومما ساهم في نجاح الاتحاديين هو التضامن الاهلاوي ليس مع منافسيهم الاتحاديين بل مع الحقائق والوقائع ولذلك فإن الاعلام النصراوي والاتحادي والأهلاوي وغيرهم يتفقون على الخطوط العريضة في انتقاد السياسات الاعلامية الهلالية وهو اتفاق مبني على شواهد حقيقة والحق احق ان يتبع. ومما اضعف موقف الهلال انهم اصبحوا في مواجهة مؤسسات اعلامية وليس مجرد كتاب وصحفيين مشتتين بين الصحف.
هنا وجد الهلاليون أنفسهم في مأزق المجاهرة بالميول او المواصلة في استغباء الوسط الرياضي وادعاء الحياد مما جعل بعض الهلاليون العقلانيين ينضموا الى الصوت الهادي والمتزن في صحافة الاندية الاخرى بعد ان ملوا الاسلوب الهلالي القديم
ولا يعني هذا ان كل من ينتمي للهلال ويمارس دوره في الاعلام يطبق نفس المنهج بل ان هناك العديد من اصحاب الرؤى والطرح المتزن والواقعي والذين كسبوا احترام الوسط الرياضي
وهذا فرق الجمع الهلالي كون العقلاء قد نأو بأنفسهم الى قامات الطرح بينما انحاز المتذمرين من اسلوب التعتيم الى الصحافة الاخرى ولم يبقى في صفوفهم إلا عديمي الميول او من كشفتهم الظروف رغما عنهم فمنهم من عمل في النادي الازرق ومنهم من تخرج منه وبالتالي فأنهم لا يستطيعون نفي ميولهم وهو اساسا يشرفهم ولا يعيبهم
وبالتزامن مع المتغيرات الفكرية والاجتماعية التي شتت الشمل الاعلامي الهلالي ظهرت ثورة المعلومات والتكنولوجيا مما نوع وسائل الإعلام وعدد مشاربها وبالتالي صعوبة السيطرة عليها حيث لم يبقى للإعلام الهلالي سوى الصحف الورقية والتي صدرت الفكر الرجعي الى الانترنت مما تسبب في سقوطها اكثر وانكشاف عوراتها ومثالبها كل يوم.
ومن اخطاء المرحلة الهلالية الفادحة هي عدم صقل مواهب حقيقة في العمل الصحفي مما جعل المنافسين يتخطونهم بمراحل كون من يدخل للمجال الاعلامي يمر بأقسى التجارب والمعاناة حتى يخرج اعلاميا ناجحاً ولم يركن لمجاملة الميول الذي اخرج بعض الاسماء فشلت بشكل كبير في منافسة المبدعين واضطرت إلى إعادة صياغة نفسها من جديد.
وإذا اراد الإعلام الهلالي ان يحجز لنفسه موقعاً مهما عند الجمهور فعليه ان يركز على الموهبة والجهد والحماس والمصداقية والتأهيل العلمي لدى الصحفي وان لا يكون للميول أي دور في اختياره وتفضيله وعندها لن يكون مهما ان اعلن عن ذلك الميول ام لا لان الناجح يفرض نفسه والعالم لم يعد كما كان.