استغرب حقيقة من المطالب التي تدعو القناة السعودية لبيع حقوق النقل لقنوات أخرى لتشارك في تغطية نقل المنافسات السعودية ومكمن الاستغراب يأتي من كون مثل هذه المطالب غير منطقية بحكم ان القناة السعودية تبث جميع المباريات وعلى النظام المفتوح المتوفر لدى كافة شرائح المجتمع الرياضي.
ولو نظرنا بعين المنطق لوجدنا الرياضية قد حققت نجاحاً كبيرا خلال فترة قصيرة فقد تم اسناد مهمة نقل الدوري وإنتاجه قبل وقت قصير من بداية منافسات الموسم الماضي في ما تم استحداث 4 قنوات إضافية لتغطية الدوري بل وكانت المطالب بأن يتم النقل عبر تقنية عالية الدقة وتوفير استديوهات تحليل ومراسلين ميدانيين وخلافه.
وهذه لا شك مهمة جبارة تصدت لها الرياضية وهي قناة حكومية تخضع للإجراءات الطويلة المعقدة في استصدار القرارات مما يجعل مسابقة الزمن للوصول في الوقت المحدد مهمة بالغة الصعوبة.
ومع ذلك فقد نجحت الرياضية في مواكبة الدوري ونقل كافة المنافسات وتدشين القنوات الجديدة وتفعيلها في وقت قياسي.
ومن العقبات التي واجهت الرياضية في هذه المهمة أن الوقت لم يكن في صالح القناة التي كانت مطالبة بتوفير عربات نقل متحركة ومخرجين ومصورين لتغطية كافة احداث الجولات بل أن القناة الرياضية الثانية حديثة عهد بالإنشاء ولم يمر وقت طويل على تدشينها لتجد نفسها في معمة النقل الحصري وهذا امر مقبول كون التحكم بالقناة عبر مركزها في المنطقة الشرقية لكن القنوات الاربع الاضافية كانت تحت سيطرة مدينة البث في الاردن وتخضع لوقت محدد في البث المباشر خلال المباريات فقط مما يجعلها مجرد شاشة اضافية لايمكن التحكم بها عن بعد سوى استقبال اشارة البث المحددة.
وإضافة إلى كل ذلك فقد كانت المنتج هي شركة الخبير وهي ايضا حديثة عهد بهذا المجال مما يجعل الاخطاء ستكون موجودة في كل مباراة وهذه الاخطاء تتحملها القناة الرياضية امام المشاهد كونها الواجهة للمنتج الاخير .
ورغم ان القناة الرياضية حرصت على استقطاب معظم الاسماء اللامعة في التعليق والعمل الميداني إلا أن الوقت والبيروقراطية في المؤسسات الحكومية تؤخر العمل خطوات مما ينتج عنه بعض الاخطاء.
كانت الرياضية تنتظر الموسم بنفس استراتيجيتها الثابتة رغم خطوات التطوير التي واكبت القناة في السنوات الاخيرة لكن تحملها مسؤلية النقل الحصري جعل المهمة اصعب وحولها إلى شبكة رياضية لها جمهورها ومشاهديها الذين تفننوا في وضعها تحت المجهر لتمحيص وتدقيق كل ما تبث وتشريحه على طاولة النقد.
ولذلك فإن السنة الاولى التي نجحت فيها الرياضية في نقل مئات المباريات عبر البث المباشر تعتبر سنة التأسيس للعمل الاحترافي والموسم القادم سيكون سنة اللازدهار بحول الله بعد تدراك اخطاء المرحلة الاولى وعليه فإن الرياضية امام خيارين لا ثالث لهما اما النجاح الباهر او الفشل الذريع فلا اعذار الان بعد سنة كاملة من الخبرة ومعرفة كافة خفايا المهمة الصعبة.
وفي حالة منح الحقوق لقناة اخرى فإن القناة الرياضية امام احتمالين .. الاول ان يساهم وجود ناقل آخر في تراجع حدة النقد الموجه لها ولكنها قد توضع في ميزان غير عادل بين مؤسسة تجارية وأخرى حكومية كما انه ستخسر مشاهدين بعد تعدد قنوات النقل. وأما الاحتمال الثاني فإن القناة تتمسك بحقها بحصرية النقل وستظل تحت مجهر النقد الحاد وعليها ان تكون في الموعد وعلى قدر ثقة المشاهد الذي سيظل يتابع الرياضية ويتمتع بتغطيها التي يتوق الى عالميتها عبر شاشته الوطنية.
ان من حق القناة الرياضية التمسك بهذا الحق واثبات قدرتها على تجاوز كل العقبات ومن الظلم ان تقارن بغيرها من القنوات التجارية فقد كانت شبكة الارتي مثلا تبث قناتين فقط مدفوعة ومان احتكرت حقوق بطولة اندية العرب حتى انشئت قناتين جديديتن ( الثالثة والرابعة ) وعند الفوز بحقوق كاس العالم انشئت قناتين اضافيتين ( الخامسة السادسة) وبعد نيل حقوق الدوري السعودي انشئت ثلاث قنوات ( السابعة والثامنة والتاسعة) وكل تلك القنوات كانت تمول من جيب المشاهد وبأعلى الاسعار ولم يترصد الاخطاء ويضخمها بل كان يعاني من قلة منافذ البيع رغم القناتين الثامنة والتاسعة كانت مغلقة طوال الوقت تماما كالقنوات الاربعة الجديدة في الرياضية السعودية لا تعمل إلا خلال البث المباشر ومع ذلك لم يحتقن المشاهد الممتعض دائما بل اصبح يتحسر احيانا على تلك الخسائر المالية امام مجانية البث وتفرغ للتقريع وجلد الذات .علماً بأن تلك الشبكة التجارية لم تسمح ببيع الحقوق وتمسكت بحصريتها حتى انتهى عمرها الافتراضي وبيعت حقوقها بالكامل.
رئيس التحرير