يبدأ منتخبنا الوطني اليوم خطوته الأولى في مشواره في التصفيات النهائية للتأهل لكأس العالم في روسيا 2018 بمواجهة تايلند غداً في الرياض، وتتشابك مع هذه البداية مشاعر متناقضة لدى الجماهير السعودية، ما بين ذكريات الفرح الطاغي بالتأهل لأربع مرات متتالية، والفشل المرير في آخر مونديالين.
ظروف «الأخضر» الفنية وهو يدخل هذه التصفيات ليست أفضل حالاً من ظروفه في تصفيات مونديال جنوب أفريقيا 2010 ومونديال البرازيل 2014، وتلك حقيقة، ففي كلا الاستحقاقين كان مؤشره الفني يتهاوى، وإن كان الوضع أسوأ في تصفيات البرازيل؛ إذ فشل في العبور للتصفيات النهائية، لكن أياً تكن هذه الحقيقة فإن معايير الغلبة في مثل هذه التصفيات ليست مرهونة فقط للعامل الفني، وإن كان الأرجح؛ ولكن ثمة عوامل أخرى راجحة من أهمها عاملي الأرض والجمهور، وتلك حقيقة أخرى وليست تنظيراً.
في لعبة التصفيات التي تعتمد نظام الذهاب والإياب تكون للأرض بكل ما تعني، والجمهور بكل تأثيراته أهميتهما الكبرى، وإلا لانتفت قيمة اللعب بهذه الطريقة، ولذلك فإن الاستفادة من هذين العنصرين مهم جداً، ولن يكون للعنصر الأول قيمته ما لم يكن العنصر الثاني معززاً له.
يقول قائل الآن إن مواجع الإحباطات التي عاشتها جماهير «الأخضر» في السنوات الاخيرة، وهي التي حضرت مؤازرة وداعمة؛ كما حدث في تصفيات مونديال 2010؛ وخصوصاً في مباراتي تايلند والبحرين في الرياض، وكذلك في نهائي «خليجي 22» أمام قطر لا زالت آلامها لم تبرح مشاعرها، وذاك قول لا يخلو من رجاحة؛ لكن الأرجح أن منابت الفرح التي غرسها في نفوس أنصاره في سنوات الانجازات لازالت معشوشبة في قلوب من أدركوها، ولا ينسون أبداً أن المدرج الأخضر كان في جميعها شريكاً في إنباتها، في سنغافورة والدوحة والرياض والكويت وأبوظبي، وأماكن أخرى لا زالت أيادي وحناجر تلك الجماهير شاهدة عليها، فضلاً عن أن لا منة للجماهير على منتخب بلادها إن حضرت وساندت فاز أو خسر.
ما يجب أن نؤمن به اليوم بعيداً عن الجدال السفسطائي أن دور الجماهير السعودية لا يقل أهمية عن دور اللاعبين، بل أن دورهم في بعض المباريات يزيد عنهم؛ حتى لتكاد أن تكون المباراة في المدرج، ومنها مواجهة تايلند، التي يحتاج فيها المنتخب لجرعة معنوية عالية قبل أن تطأ أقدام اللاعبين أرض استاد الملك فهد، وأثناء المباراة التي ينبغي أن يهز هدير الجماهير أرجاءه.
مباراة منتخبنا مع تايلند لن تكون مواجهة لتسجيل حضور جماهيري بل لكتابة وثيقة مصالحة مع «الأخضر» للتأكيد من خلالها أن الجماهير السعودية هي جماهير وطن، وإن تباينت مؤشرات بوصلات ميولها تجاه الأندية، وهي إلى جانب ذلك اختبار انتماء ومقياس أولويات ما بين المنتخب والأندية؛ لاسيما في ظل التنافس على أرقام الحضور في مدرجات الأندية في السنوات الأخيرة، والتي حتماً المنتخب أولى بها إذا ما كان شعار «منتخبنا أولاً» الذي رفعه الجميع في مواقع التواصل الاجتماعي مشاعر حقيقية وليست مجرد كلام ليل يمحوه النهار.