عندما نشاهد رجلًا مسؤولًا يخرج في منبرٍ إعلاميٍّ يقول أو يكتب كلامًا كبيرًا ومهما، يمسّ منظومة عملٍ كاملةٍ، وهو صاحب قيمةٍ أكاديميةٍ واجتماعيةٍ كبيرةٍ، فنحن أمام أمرين لا ثالث لهما، إما أن هذا الشخص يخفي تفاصيل كثيرةً ويريد أن يلفت الانتباه حتى يلتفت له المسؤول الأول عن تلك المنظومة، أو أنه يبحث عن بابٍ أكبر للشهرة، ويريد أن يستغل احتقان المجتمع الرياضي في إرسال معلومةٍ مبطنةٍ لا تضعه قانونيًّا تحت طائلة العقوبة، ولا يحق لأحدٍ كائنًا مَن كان أن يعاقبه وفق القانون ونظامه.
فالدكتور عبداللطيف بخاري أستاذ القانون والأكاديمي الصريح الذي يشغل منصب عضوٍ في اتحاد القدم كتب تغريدةً أثارت المجتمع الرياضي في السعودية، وقد تناقلها الجميع، يحكمهم في ذلك مصالحهم الخاصة، وعادةً لا تبدأ المشاكل والقضايا الجدلية إلا بمثل هذه الكتابات، التي يمكن أن يستفيد منها الجميع ويوظفوها كما يشاؤون حتى تخدم مصالحهم.
فبعد أن فجّر الدكتور بخاري القنبلة في «تويتر» ها هو اليوم يُستدعى حتى يفسّر ما ورد فيما كتب، وهو على يقينٍ تامٍّ كما ذكر في لقاءاتٍ كثيرةٍ أن التغريدة لا تدينه قانونيًّا، وهو رجل قانونٍ، ويعي ذلك جيدًا، وقد يخرج من هذا التحقيق منتصرًا وفق القانون الذي لا يجرّم الأشخاص متى ما كتبوا استنتاجاتهم أو استشرفوا المستقبل، ولن يجد اتحاد الكرة عند الدكتور بخاري أي مستمسكٍ قانونيٍّ يدين الدكتور؛ لذا فإن اتحاد الكرة ربما يفشل في عملية إدانته وهو أمام مجتمعٍ رياضيٍّ محتقن، وإن نجح بخاري في الخروج من هذا المأزق قانونيًّا فبماذا سيبرر اتحاد القدم ما كتبه عضو الاتحاد..؟
فالدكتور عبداللطيف بخاري خرج وعبر منابر إعلاميةٍ مختلفةٍ، وقال: إن التغريدة له، وقد كتبها في حسابه الشخصي، ولم ينف ذلك، ولا أظن رجل قانونٍ مثله يعلم أن هذا التغريدة ستضرّه ويعترف بها أو حتى يكتبها في الأصل، هو يعلم جيدًا أن ما فعله له مكتسباتٌ كثيرةٌ، وقد تكون في مصلحة الاتحاد السعودي، ومن خلالها ستكون درجة الاهتمام والمتابعة أكبر مما كانت عليه في الفترة السابقة.
لم أشاهد اتحاد الكرة بقيادة أحمد عيد في مأزقٍ كما أشاهده الآن، وتمرير خطاب استدعاء بخاري للتحقيق بهذا الشكل له أهدافٌ صريحةٌ أبرزها: تهدئة احتقان الشارع الرياضي، وفي نفس الوقت يجعل القضية مفتوحةً وملتهبةً حتى ينتهي التحقيق، فإن صدرت في حقّ بخاري عقوبةٌ قانونيةٌ غير مستندةٍ لمادةٍ قانونيةٍ واضحةٍ لا أظن أن الدكتور سيقف صامتًا، وسيسعى إلى إثبات وجهة نظره في أن التغريدة لا توجب قانونيًّا أي عقوبةٍ، وقد يذهب إلى أبعد من اتحاد القدم في إثبات حقّه.
الجميل في الموضوع أن الناس بدأت تشعر أن الجميع يبحث عن العدالة حتى لو أن العدالة تخدم ميوله الشخصية، بمعنى التركيز على مفهوم العدل وضرورة تطبيقه هو قاعدةٌ أساسيةٌ لا يجب التخلي عنها، فعندما يصدر قرار كالقرار الذي صدر في حقّ بعض أندية الدرجة الأولى بعد قضية التهاون والرشوة، فهذا القرار يمثل العدالة من الجهة المخول لها إصدار هذا القرار.
إن الدكتور عبداللطيف بخاري فتح قضيةً لها إيجابياتٌ ولها سلبياتٌ، والاستفادة منها وتوظيفها في الصالح العام للمجتمع أمرٌ يحتاج إلى ذكاء، فهل ينجح اتحاد القدم في هذا الأمر؟ ننتظر ونرى..
ودمتم بخير،،،
ZAIDI161@
بخاري بين الإدانة والبراءة