ببرود يصل إلى حد التجمد تعامل وسطنا الرياضي مع تشكيلة المنتخب السعودي الأخيرة التي أفرج عنها المدرب الهولندي بيرت فان مارفيك لمواجهتي تايلند والعراق في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم في روسيا 2018، على عكس ما كان يحدث سابقاً إذ كانت التشكيلة تثير ردود أفعال متناقضة إيجابية كانت أم سلبية.
كان واضحاً انشغال الإعلام السعودي ومعه الجماهير بالجولة الأولى لـ”دوري جميل” عن التشكيلة إلى حد أن ردود الأفعال كانت صاخبة تجاه تنافس الأهلي والنصر على صدارة الجولة الأولى، وما قيل عن تقدم الأول على الرغم من تعادله مع الأخير بالنقاط والأهداف؛ اعتماداً من لجنة المسابقات على الحروف الأبجدية، وانشغل الكثيرون بهذا الأمر على الرغم من أنه من التفاهة بحيث لا يقدم ولا يؤخر في واقع المنافسة بشيء.
السبب في ذلك يبدو واضحاً، وهو أن الإحباط بدأ يشل أحاسيس أنصار “الأخضر”، ولم يعد يحرك فيهم ساكن أي حدث يتعلق بمنتخب بلادهم، الذي يتحضر لأهم استحقاق وهو “المونديال”، الذي غاب عنه في المرتين السابقتين، إما لتسرب الثقة من نفسياتهم تجاه قدرة المنتخب على التأهل لضعفه الفني والصعوبات التصفيات، أو لانعدامها تجاه مسيري الكرة السعودية في كل شيء يقومون به، وفي كلتا الحالتين فإن الخاسر من حالة التبلد تلك هو “منتخب الوطن” بما يعني من دلالات شعور وانتماء، وبما يستلزم من تفاعل وإسناد.
واقع الحال في – ظني- يتجاوز الإعلام والجماهير إلى لاعبي المنتخب أنفسهم الذين لم يعودوا يشعرونا بقيمة تمثيل المنتخب كما كان سابقاً، وهو ما لمسناه من تصريحات بعض اللاعبين، واستهتار البعض منهم، وتجاوز آخرين على النظام فيه، وهي حالة خطيرة لن تحلها لائحة انضباط، ولا صرامة مشرف، ما لم يكن الشعور بقيمة تمثيل المنتخب حالة وجدانية تتلبس اللاعبين.
نحن اليوم أمام حدث كبير منتظر، وإزاء مشكلة مريرة واقعية يتطلبان أن تستنهض حيالهما كل الهمم، وهنا تأتي مسؤولية اتحاد الكرة وإدارة المنتخب بحيث تكون لديهما من البرامج ما تساعد على إعادة الثقة داخل المنتخب وخارجه، لا أن يكون التعامل معهما كأمر واقع بحيث تصبح الأفكار مشلولة، والأيادي مكتوفة، إذ ليس من الطبيعي ولا المقبول أن يبدأ المنتخب تحضيراته لأهم استحقاق ينتظره وكل من حوله يتعامل معه كفريق درجة ثالثة يلعب في دوري الأرياف.
خطورة الأمر يستدعي التعامل معه كقضية وطنية ويتطلب التحرك في أكثر من اتجاه، وعلى غير مستوى، فالأمر يتجاوز حتمية التأهل للمونديال إلى وجوب أن يكون منتخب الوطن قبل ذلك مقدم على الانتماء للنادي، وهو ما فقدناه في الأعوام الأخيرة، وليس سراً حين نقول إن البعض بعد أن كان يرى في غياب بعض لاعبي هذا النادي أو ذاك من التشكيلة استهدافاً لناديه، بات يرى في انضمامهم مؤامرة لإضعافه لصالح منافسيه، وهو ما يصل بالخطر إلى أقصى ذروته، فهل نحن منتبهون؟!.