حسناً فعلت الهيئة العامة للرياضة بقيادة الأمير عبدالله بن مساعد حين فتحت ملف التلاعب في مباريات دوري الدرجة الأولى بمجرد الحصول على دليل مادي يثبت وجود هذه الممارسات غير النزيهة التي تؤثر على عدالة المنافسات الكروية وسمعة الكرة السعودية، وعلى الرغم من أن الأحاديث غير الرسمية كانت تؤكد وجود “بيع وشراء” المباريات خلال الأعوام الأخيرة في بعض المسابقات البعيدة عن الأضواء إلا أن الأدلة كانت غائبة، ما صعّب مهمة المسؤولين في كشف المتلاعبين.
أمسكت الهيئة بالملف منذ بدايته وتحديداً منذ حصلت على أدلة مادية، وحولت القضية لاتحاد الكرة كونه الجهة التي تقع الأندية المتنافسة في كرة القدم تحت مظلتها، وبالطبع فإن الاتحاد كان في موقف صعب وهو يستقبل قضية بهذا الحجم.
بعد أن أعلنت الهيئة عن جميع خطواتها ووضعت الكرة في ملعب أحمد عيد ورفاقه وهم الذين لم يتعاملوا مع قضية مماثلة في الموسم الماضي حين أعلن رئيس نادي الدرعية وأحد لاعبي فريقه عن تلقيهم إغراءات من إدارة القادسية مدعمة بالأدلة، فضلاً عن عدم الاهتمام بادعاءات بوجود ممارسات مشابهة في مسابقات الدرجات الدنيا.
مساء أول من أمس أعلن اتحاد الكرة عن تسعة قرارات تاريخية وصارمة بحق عدد من الأطراف أبرزها فريق المجزل الذي فقد بموجب القرار – وهو قابل للاستئناف- فرصة اللعب في “دوري عبداللطيف جميل”، والمؤكد أن مثل هذه القرارات ستكون ذات وقع كبير على المنافسات في المواسم المقبلة، إذ سيفكر الفاسدون والمتلاعبون بالنتائج ألف مرة عند الإقدام على مثل هذه الأفعال.
بعيداً عن هوية الفرق المتضررة والمستفيدة، وحدها الطريقة الصارمة التي تعاملت بها هيئة الرياضة وبعدها اتحاد الكرة مع هذه الفضيحة الأخلاقية ستكون كفيلة بردع المتجاوزين، ولا مبالغة عند القول إن الأمير عبدالله بن مساعد نجح في إعادة هيبة المؤسسة الرياضية التي ضربت المتجاوزين بقوة ما يؤكد أن الهيئة تسير بالطريق الصحيح من حيث العودة للتعامل بحزم مع القضايا والأشخاص المسيئين لرياضة المملكة.
صحيح أن القرارات الصادرة بحق المجزل ومسؤوليه وبقية الأطراف ليست نافذة حتى الآن كون جميع من تضرر يملك حق الاستئناف لكن ما يهم الشارع الرياضي هو أن التعامل كان جيداً وقوياً رغم تأخر صدور القرارات وأن الشفافية كانت خيار هيئة الرياضة التي أعلنت عن وجود قضية بهذا الحجم وعن تعاملها معها ببيانين رسميين، كما أن الفرصة منحت للمجزل وبقية المتضررين للاستئناف وإثبات براءتهم واستنفاذ جميع مراحل التقاضي.
يستحق رئيس هيئة الرياضة الشكر على تحريك المياه الراكدة وإيقاف “دمدمة” الملفات المسكوت عنها، ويكفي أن هذه القضية أعادت المؤسسة الرياضية للواجهة مجدداً وهو ما كان ينتظره الرياضيون الذين يتطلعون لدور أكبر للأمير عبدالله بن مساعد في ضبط المنافسات وضبط بيئة المسابقات الرياضية، مثلما كانت عليه الأمور بوجود الأمير الراحل فيصل بن فهد، إذ كثيراً ما عانت الرياضة السعودية في الأعوام الماضية من سياسة التغاضي والتسامح مع أخطاء وممارسات إدارية وفنية وإعلامية غير أخلاقية.