نقدٌ هنا وهناك نقد …صياح يملأ كل أرجائنا الرياضية وقنواتنا وصحفنا والكل ينتقد والقليل فقط من يقدم وميض من الحلول … حتى الحلول تأتي بشكل شحيح وغالبا ما تكون على شكل وجبات سريعة نعم قد تسد الجوع لكنها للأسف لن تبني الجسد وسيظهر العور غدا !! .. نحتاج لنقد يفند الايجابيات ويوضحها ويعدد السلبيات ويقدم البديل المناسب لها .. مللنا من الصراخ والمعتمد على شحن الجمهور واللعب على العواطف مللنا من التعميم الذي يصور لك الحياة بشكل أسود وكأنه ليس هناك شيء يذكر … مللنا وتشبعنا من نقد معلب يعاد ويكرر ويقدم مع كل سقوط وجاهز للعرض في كل زمان وكل مكان , نحتاج تقيم علمي ومنطقي للعمل مدعوم بالأرقام واللوائح والأنظمة يشخص الحال ويضع حلول منطقية وعلمية وقابلة للتحقيق بخطواتها
السقوط السعودي في خليجي 21 ليس وليد اليوم لكنه بدأ منذ زمن ولكننا كنا نكابر ونضع الحلول الوقتية محاولين البقاء حيث كنا نكابر أننا الأفضل دوريا وجماهيريا وتاريخيا و…و.. و ونصحوا على خروج مرير لكنه في الواقع طبيعي جدا !
فتارة نقيل المدرب ونضع به كل علل الدنيا وتارة أخرى نضعها بلاعب أو لاعبين ومرة أخرى نقيل رئيس أو نشكل لجنة للتطوير … وللأسف يصفق الجميع ويطبلون حتى نصحوا على كبوة أخرى في طريق الوصول للهاوية .
كل ما سمعته اليوم مع خروج خليجي 21 سمعته كثيرا في مناسبات أخرى وبنفس الشكل وبنفس العقلية والنتائج ستستمر بنفس الهبوط .
فمن يطالب بإقالة عيد أو استقالته قد طالب سابقا بإقالة سلطان وبعده نواف والمحصلة للخلف در … ومن طالب بإقالة ريكارد قد طالب بإقالة أنجوس وكالديرون والجوهر وفاندرليم و..و.. والقائمة تطول ومن طالب بإبعاد ياسر وكريري وهوساوي ووليد.. و..و.. قد طالب سابقا بإبعاد نور وسامي ومالك و ..و..
ألم اقل لكم إنها حلول وقتية ووجبات سريعة لن تفيدنا مستقبلا .. فما الفائدة أن تقيل رئيس الإتحاد مثلا وتضع نائبه ويبقى كل الطاقم ونفس اللجان وتسير بنفس منهجية العمل وتعتقد ان تصل لشيء جديد !! وللأسف أن هذه الطريقة مازالت تلقى رواجا حتى مع الإتحاد المنتخب فالأسماء هي نفسها منذ زمن والتدوير لنفس الأسماء ولعبت الكراسي مستمرة فتتغير الكراسي فقط ولكن يظل الجميع مكانك راوح في دائرة الكراسي المغلقة !
ونفس الوضع كذلك هو بالنسبة للمدربين واللاعبين .. فهذا الصراخ المعاد والتباكي المعتاد والإسقاط على معسكرات الأندية لن يأتي إلا بزيادة من السقوط إلى ما تحت الهاوية .
فما هو الحل وما هو المطلوب الآن لنعود للاصطفاف في قافلة الانجازات والأفراح ؟؟؟
سؤال كبير وعريض ويحمل هم شارع رياضي أنهكته المسكنات ولن تعد تفيد في حالته كثرة الضمادات , لكنه اليوم يتمسك بقشة (اتحاد عيد) ويحاول أن يرى نورا ولو من بعيد في اتحاد منتخب لعله يكون بداية الطريق فاتحاد القدم هو الرقم الأول في قائمة روشتة العودة للمؤشر الأخضر فهو المسؤول الأول والأخير ولكنه ليس العامل الوحيد للعودة فبناء منتخب او بالأصح منظومة كرة قدم (أندية ,منتخبات بجميع الفئات) يحتاج لتكاتف كل العوامل البشرية والمادية من (توجه دولة – تعليم – إعلام – جماهير – أندية – صحة ) لكن يظل إتحاد القدم هو المعني بكيفية التواصل مع هذه العوامل والانسجام معها في سبيل الوصول لهدفة , لا أن ينتظر المبادرة من الآخرين .
الحلول الوقتية هي أيضا يجب أن تكون أول ما يزال من هذه الروشتة ومعها أيضا التخمينات والعواطف حلول الخبرة وبنود المصلحة العامة … نحتاج لحلول علمية من مختصي البلد وأبنائه فهم الأصلح والأعلم ببواطن الأمور وأجزم أن لدينا الكثير من المختصين المهمشين فأين (ماجد عبدالله – سامي الجابر – خالد الشنيف – حمزة إدريس – حاتم خيمي – ) والقائمة تطول في كل المجالات .
ولعل أهم الحلول التي يجب أن تتضمنها الروشتة هي أن يكون البناء هرمي فالاهتمام بالقاعدة فنيا وطبيا وصحيا هو ما يجب أن يحدث , لا أن نسير على مبدأ (بعد ما شاب ودوه الكتاب) فنفاجأ بنجوم في نظرنا يتهمهم خبراء العالم بأنهم يفتقدون أساسيات الكرة !!
ولكي تصنع منتخب قوي عليك عزيزي إتحاد الكرة أن تصنع دوري قوي , ولعلنا نملك مقومات يتمناها الكثير في صنع دوري ملتهب فقط نحن بحاجة لقيل من التنظيم والضوابط غير المطاطية والاستثمار الذي يقدم الدوري بشكل تسويقي رائع
أتمنى أخيرا من الإعلام بكل صوره أن يقدم لنا صورة مشرقة للعمل الإعلامي فاستديوهات الصراخ والتهم المتبادلة والإثارة الرخيصة يجب أن نترفع عنها ويجب أن نقدم عمل إعلامي حقيقي يتسابق فيه الكل لإظهار الوجه الحقيقي للإعلام الهادف وأعقد حينها أن الكثير من الوجوه التي اعتدنا عليها كخبراء رياضيين ستختفي بلا عودة !!
ولكي نقدم هذه الصورة المشرقة فأتمنى من كل مؤسسة إعلامية أن تقدم مذكرة علمية مصغرة مزودة بالأرقام ومعززة بالأنظمة والخطط تستخلصها من خلال ورش عمل لخبراء وفنيين من أبناء الوطن … لعلنا نجعل الإعلام يتنافس في شيء حقيقي ويقدم شيء مفيد … وبعدها عليه أن يقف على بعد واحد من إتحاد الكرة ليشكل سلطة رابعة لا تقبل بالتجاوز على الأنظمة لنصل لبر الأمان … وحينها سيعود المؤشر ليكون أخضر .