كان يمكن لرئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الأستاذ أحمد عيد وهو الأهلاوي الصميم والذي أراه – شخصياً- أحد أهم رموز النادي الكبير أن يحتفل في منزله مع عائلته أو في استراحته مع أصدقائه بفوز الأهلي ببطولة الدوري ليس بلبس الشال وذرف الدموع، كما فعل في منصة التتويج في ختام الدوري الذي تابعه الملايين داخل السعودية وخارجها، بل حتى لو ذهب به العشق إلى ارتداء الزي الأهلاوي كاملاً وزاد عليه بتلوين وجهه باللونين الأخضر والأبيض وقاد رابطة الأصدقاء الأهلاويين وأنشد طرباً بالفوز، كان بإمكانه أن يفعل ذلك من دون أن يحق لأحد كائناً من كان أن يحاكمه على فعلته حتى لو تسربت صوراً أو مقاطع فيديو للحدث، فتلك حياته الخاصة، وإن كان سيتعرض للوم على ذلك من بعض رياضيي المملكة إذ يرونه رأس هرم السلطة الكروية في البلاد، والرجل المنتخب للتعبير عن كل الأندية، وهو ما يعني أن صفته الاعتبارية تلك تقيده وتفرض عليه فعلاً منضبطاً يراعي فيه مكانته الرسمية والاجتماعية.
لم يكن أسوأ من تصرف عيد إلا تبريره حين خرج ليقول بأن دموعه هي دموع فرح ووفاء وتقدير للكيان الكبير كونه ابن النادي الأهلي منذ أن كان في الـ17 من عمره وأنه سعد وكان لا بد وأن يسعد كما سعدت الجماهير الأهلاوية بالتتويج التاريخي بعد أن أخفى سعادته طوال الفترة الماضية قبل أن تحسم المنافسة، ويشاطره في السوء البعض في الوسط الرياضي حين حاولوا تسطيح تصرفه بتبريرات جوفاء ومقارنات أو مقاربات واهية، دون أن يسألوا أنفسهم هل توشح عيد بشعار النصر والفتح قبل ذلك حتى يقبل منه بحجة أنه رئيس كل الأندية!.
التبرير لتصرف عيد يعني تشريع مثل هذا الخروج عن النص من مسؤولي الرياضة الذين يفترض أنهم خلعوا شعارات أنديتهم وأذابوا الميول في داخلهم، حتى وإن كان ظاهرياً بمجرد دخولهم للعمل الرسمي العام، وإلا فيجب علينا غداً أن نوجد العذر للأمير عبدالله بن مساعد لو رأيناه خلال حضوره لمباراة محلية وقد احتفل بفوز الهلال بالتوشح بشعاره أو حتى بالتلويح بقبضته للجماهير أو اللاعبين تحت ذريعة أنه مشجع وشرفي ورئيس سابق للنادي الأزرق، والأمر كذلك مع محمد النويصر لو احتفل مع الشباب، وياسر المسحل مع الاتفاق أو عمر المهنا مع النهضة وغيرهم من المسؤولين ولو بأقل من المشهد الغارق في التراجيديا الذي كان عليه احمد عيد.
المضحك في الأمر، وعلى طريقة شر البلية أن الأهلاويين أنفسهم لم يعطوا تصرف عيد قيمة، لا بالاحتفاء بتصرفه ولا حتى بالدفاع عنه، لأسباب ربما لا تخفى على أحد، إذ قرؤوا تصرفه لا على أنه مشاعر جياشة ودموع هاربة في لحظة فرح بل باعتبارها عربون استرضاء لمسؤولي الأهلي وإعلامه وجماهيره بعد الخلاف الذي دار بينه وبين الأهلاويين في بداية الموسم على خلفية قضية سعيد المولد وفشله في تسوية الخلاف مع كبار الأهلي، وهو ما دفع زميلنا الصحفي حسن عبدالقادر وهو الأهلاوي الصميم والمقرب لكبار مسؤولي النادي والصديق لأحمد عيد نفسه ليغرد في ليلة التتويج قائلاً: “ما ينسينا الخطأ حب الخشوم.. دموع التماسيح.. العب غيرها”!.