للأهلاويين وللتاريخ
محمد الشيخ

محمد الشيخ

لا يمكن القول إن الأهلي دخل تاريخ الكرة السعودية أو حتى عاد إليه بعودته لتحقيق لقب الدوري السعودي الذي أدار له الظهر لثلاثة عقود ونيف، على الرغم من أن كل المؤشرات تقول أو توحي بذلك من الأهلاويين وحتى غيرهم، وشخصياً لا يمكن أن أقول ذلك، لأنني لو قلت فسأكون جائراً بحق نفسي، وبحق الكلمة الصادقة.

كيف للأهلي أن يدخل تاريخ الكرة السعودية أو حتى أن يعود إليه وهو الذي يمثل فصلاً مهماً فيه، وهو من يستحوذ على مساحة كبيرة في ذاكرتها، والساكن في وجدانها بما خلفه من تاريخ ومنجزات ورموز ونجوم، لذلك ينبغي تصحيح المقولة واستبدالها بالقول: إن التاريخ يدخل الأهلي بتحقيقه لبطولة الدوري التي استعصت عليه طوال 32 عاماً بعد أن أضاع الطريق إليه، وهو دخول من أعياه الاشتياق وأضناه الانتظار.

مهم جداً وللتاريخ أيضاً أن نقول اليوم الحقيقة بكل وضوح حتى لا يأتي من يتلاعب بها أو يطمسها أو حتى يشوهها، وهي أن عودة الأهلي لتحقيق اللقب الكبير لم تأتِ صدفة أو بضربة حظ أو بفزعة حكم او بنفوذ إداري، وإنما وفق عمل فني وإداري محكم اكتمل فيه البنيان الاحترافي، وهو عمل لم يأتِ وليد الموسم الراهن بل استمراراً للمواسم الخمسة الأخيرة، وهو ما يؤكد على أن الدوري كان مشروعاً ولم يكن عملاً وقتياً، وقد كان الفريق قاب قوسين من احتضان اللقب طوال تلك الأعوام لولا الأخطاء الفنية تارة، وسوء الطالع تارة أخرى، وافتقاد هوية بطل الدوري التي تلبسها هذا الموسم بطريقة كان من الصعب على أي أحد انتزاعها منه.

مع انطلاق الموسم قلت بأن ثمة خطة أهلاوية محكمة لاقتناص اللقب هذا الموسم وهي لا تقف عند الجانب الإداري او الفني بل تتجاوزه للإعلام والجماهير، وهذا ما تلمسناه بوضوح، وقد سارت الخطة بنجاح لكن ثمة عقبات اعترضتها وكادت تعصف بها، لكن وجود الأمير خالد بن عبدالله بكل ما يملكه من قيادية صقلتها الخبرة وعززتها الحنكة استطاع أن يوجه الشراع إلى الاتجاه الذي يضمن للمركب “الأخضر” السير لشاطئ البطولة على الرغم من الأمواج العاتية التي ظلت تضرب فيه.

الأهلي في بطولته قدم نموذجاً مهماً في رسم الهدف والعمل لأجل تحقيقه، وهو ما لا تجيده الأندية السعودية، فقد كان أمام الأهلي كل استحقاقات الموسم، بدءاً بكأس ولي العهد، والدوري، ودوري أبطال آسيا، وكأس الملك، وقد بلغ النهائي الأول وخسره أمام الهلال، فمضى من دون أن ينكسر في مسيرة الدوري، وفي الأثناء تدهورت نتائجه في البطولة الآسيوية حتى ودعها من الدور الأول، وقد بدا واضحاً أنها لم تكن هدفاً مباشراً إذ لم يحدث خروجه أي ارتدادات إعلامية أو جماهيرية، وحتى مع وصوله لنهائي كأس الملك بكل ما يحمل من قيمة كبرى لم يكن الوصول إليه صاخباً باعتبار أن الهدف الرئيس قد تحقق وهو الفوز باللقب الكبير.

أمر آخر مهم في عودة الأهلي لتحقيق بطولة الدوري وهو ما لا ينبغي القفز عليه، وهو أن عودته في هذا التوقيت ليست لصالح النادي وحسب، بل تأتي في صالح الكرة السعودية التي تمر بأخطر مراحل مسيرتها فنيا وإدارياً ومادياً واحترافياً، لذلك فالأهلي الذي يعيش كل معاني الاستقرار هو بمثابة مصل الإنعاش لجسدها المثخن بالخيبات والمضرج بالانتكاسات.

6