منذ زمنٍ وحال رعاية الشباب بمسماها وتفرعاتها القديمة وهي تعاني من ضعفٍ واضحٍ على كل المستويات، إذ إن قطاع الشباب والاهتمام به أمرٌ صعبٌ، ويحتاج إلى مجهودٍ كبيرٍ؛ لذا كان من المهم أن تحدث نقلةٌ نوعيةٌ تبدأ بتحديد ما يحتاج إليه هذا القطاع، فكانت البداية بقرار فصل الرياضة كممارسة في المجتمع وإضافة لرياضةٍ تنافسيةٍ على أعلى المستويات، حتى يتمكن المسؤول من تحديد أهدافه وإستراتيجياته وفق الإطار الرياضي، ففي السابق كانت كلمة رعاية الشباب فضفاضةً، وتشمل الكثير من الأنشطة والجوانب الاجتماعية والثقافية، وبالتالي كان التركيز عليها في وقتٍ واحدٍ وتحت جهةٍ تأسيسيةٍ وتنفيذيةٍ في الوقت نفسه أمرًا صعبًا للغاية.
اليوم وبعد قرار خادم الحرمين الشريفين ستتفرغ الهيئة للعمل الرياضي البحت، وستركز على كل الجوانب التي تهتم بتأسيس مجتمعٍ رياضيٍّ ممارسٍ للرياضة، وستنقل المنافسات الرياضية إلى فكرٍ مختلفٍ، بدايةً بخصخصة الأندية التي أصبحت اليوم في أمسِّ الحاجة لهذا القرار بعد ما كثرت ديونها وأصبحت مهددةً بالإفلاس.
رئيس الهيئة الأمير عبدالله بن مساعد رجل مالٍ واستثمار، وهو صاحب فكرة الخصخصة، وهو أيضًا من أوائل المطالبين بخصخصة الأندية، وهذا الأمر يعطي ارتياحًا كبيرًا لدى المجتمع الرياضي لنجاح هذا المشروع وفق رؤيةٍ معينةٍ، يكتب فصولها المختصون والمطلعون على بعض الخبرات الخارجية، التي من شأنها أن تطور العمل الرياضي التنافسي، وتصنع فكرًا احترافيًا رياضيًّا وثقافيًّا واستثماريًّا، فالمرحلة القادمة تتطلب تركيزًا كاملًا على الرياضة وسبل الاستثمار في هذا القطاع الحيوي الكبير، فالتسويق الرياضي الآن حول العالم أصبح علمًا قائمًا بنفسه، وأصبحت الأندية في كل دول العالم المتقدمة أنديةً ربحيةً، أو على أقل تقدير أندية تعتمد على ذاتها، وتكفي احتياجاتها الخاصة دون الدخول في نفق الديون والالتزامات المالية لجهات أخرى.
فالعمل الرياضي المنتظر منه نتائج إيجابية يحتاج إلى تخطيطٍ وتغييرٍ في الإستراتيجيات السابقة، فلكل مرحلةٍ فكرٌ مختلفٌ، وأهداف مختلفة، ولن يتوقف العالم عند مرحلةٍ معينةٍ، كنّا متفوقين فيها وقادرين على أن نصل باسم المملكة العربية السعودية إلى أفضل المحافل ونحقق أفضل النتائج، هذا الأمر لن يدوم ما لم نواكب العالم في تقدمهم الرياضي، ونغوص في كل تفاصيله، ونستفيد من كل التجارب، التي صنعت التميز لكثير من الدول سواء المجاورة أو في المحيط الأوروبي.
إن رؤية المملكة 2030، التي أطلق مشروعها سمو وليّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تهدف إلى أن تكون للدولة مصادر دخلٍ متنوعة، وهذا التحول في القطاع الرياضي يواكب هذه الرؤية، فالرياضة وفق هذا المنظور وهذا التخطيط ستعتمد على ذاتها، ولن ترهق كاهل الدولة بالإعانات في المستقبل، وبالتالي ستوفر الدولة من موازنتها المالية الجزء الذي كان يصرف على قطاع الرياضة والشباب.
لذا ما يحدث اليوم في المملكة يؤكد أن العمل الجاد يبدأ بفكرةٍ تتلوها خططٌ واضحة المعالم للتنفيذ، في فترةٍ زمنيةٍ محددةٍ طالت أو قصرت في النهاية ستكون النتائج وفق الإطار المتوقع، فلن ينجح أي عملٍ دون دراسةٍ ورؤيةٍ مستقبليةٍ واضحةٍ.
دام عزّك يا وطن، وحفظ الله السعودية وأهلها من كل سوء.. ودمتم بخير.