يتكرر على لسان بعض النقاد سؤال يسوقونه بين حين وآخر مفاده؛ ماذا قدم الأمير عبدالله بن مساعد منذ توليه مسؤولية الرئاسة العامة لرعاية الشباب واللجنة الأولمبية، ويأتي هذا السؤال عادة لا في سياق البحث وإنما في سياق التقريع، فالجواب عليه غالباً جاهز ومعلب وهو أن لا شيء قدمه حتى الآن.
ليس من قبيل الإطراء أبداً وإن كان مستحقاً، وإنما من قبيل التوصيف حين أقول إن الرئاسة العامة لرعاية الشباب أصبحت اليوم ورشة عمل لا تغلق أبوابها، إذ في كل يوم تنتج حدثاً جديداً، وتنجز مشروعاً مختلفاً، وتحقق إنجازاً مفاجئاً، إن على مستوى الرياضة أو الشباب أو على المستويين كليهما.
في غضون أسبوع واحد زفت لنا الرئاسة ثلاثة أخبار غاية في الأهمية وبينهما أخبار أخرى، بل إن من بينها ما هو بمثابة حدث تاريخي، وأعني بذلك قراري استقلالية الاتحادات الرياضية، وإنشاء مركز التحكيم الرياضي، إلى جانب إطلاق أكبر مسابقة شبابية سعودية لاكتشاف المواهب سواء بمجموع أفكارها أو بمجموع جوائزها المالية.
قرار استقلال الاتحادات الرياضية والذي أقره مجلس الوزراء هو بحد ذاته إنجاز كونه كان يمثل معاناة جسيمة للاتحادات الرياضية ومعها رابطة دوري المحترفين حيث ظلت طوال السنوات الماضية مكبلة الحرية، بينما باتت اليوم كيانات تجارية مستقلة تستطيع من خلال ذلك ممارسة أعمالها بصفة تجارية تتيح لها استثمار مواردها وتأسيس أذرع تجارية لها دون الحاجة إلى أوصياء عليها، أو وسطاء بينها وبين الآخرين.
يقابل قرار استقلال الاتحادات من حيث الأهمية الوجودية والقيمة التاريخية قرار إنشاء مركز التحكيم الرياضي، وهو القرار الذي استولد بعد سنوات من المحاولات التي انتهت بالإجهاض رغم تفاقم الأزمات القانونية واستفحال الخلافات على أكثر من صعيد حتى طرقنا بقضاينا أبواب المنظومات الدولية حتى جاء الأمير عبدالله بن مساعد الخلاّق جداً والعملي جداً ليظهره للنور مولوداً متكاملاً بكافة تفاصيله إن في شكله الظاهري أو مضمونه الداخلي.
لم تكن تلك المشروعات رغم ما تمثل كمنجز هي محصلة نجاحات رعاية الشباب منذ تسلم الأمير عبدالله مسؤوليتها قبل نحو عامين، فقبلها منجزات مهمة كمتابعة تنفيذ المشروعات المتعثرة ومعالجة مسببات تعثرها، وإصدار لائحة الأندية الموحدة بعد سنوات من الركون للائحة عقيمة، فضلاً عن النجاح في نزع فتيل أكثر من جمعية عمومية في غير نادٍ بالاستناد على النظام والصلاحيات التي يجيزها، والنجاح في الحد من تضخم المديونيات والهدر المالي في الأندية المحترفة عبر تقديم نظام مالي مميز لاتحاد الكرة، وبين كل ذلك قرارات ودراسات ومشاريع ينتظر أن تنجز في قادم الأيام.
في اللجنة الأولمبية كما في رعاية الشباب ثمة قطار لا يتوقف فلا يكاد يدخل في محطة إلا ليستعد للدخول في أخرى، وقد تابعنا العمل المتسارع منذ لحظة تزكية الأمير عبدالله وحتى اليوم وما أنجز من رسم هيكلي إداري دقيق كسر المركزية القاتلة فيها، وورش عمل مميزة، ورسم استراتيجيات مهمة، وإزالة عراقيل سابقة على مستوى الاتحادات الرياضية مالياً وفنياً، عدا عن نجاح الأمير عبدالله في معالجة العديد من القضايا والإسهام في تذليل بعض المعوقات كحله أزمة النظام الأساسي لاتحاد كرة القدم والتي دخلت أروقة “الفيفا”، ومساهمته في إظهار النظام الأساسي لرابطة المحترفين بعد ثماني سنوات من الفراغ القانوني والتشريعي وسعيه لحل أزمة التحكيم بالتعاقد مع الخبير الانجليزي هوارد ويب.
بعد كل ما تحقق لا زال ثمة من يظهر علينا ليقول ماذا قدم الأمير عبدالله بن مساعد حتى الآن، في قراءة انطباعية تارة، وسطحية تارة ثانية، وظالمة تارة أخرى، إذ إن ما تحقق في أقل من عامين يتجاوز ما تحقق في عقد كامل ومع ذلك نحن نطالب الرئيس العام بتسريع وتيرة العمل لإننا نريد مسابقة الوقت لتعويض ما فات وللحاق بما هو آت.