فلتكفوا يده شاء أم أبى

الخطر الداهم الذي ينتظر المنتخب السعودي الذي تبدى على إثر قرعة تصفيات “مونديال روسيا” الثلاثاء الماضي والتي وضعته في مجموعة الموت يتطلب تحركات جادة وحازمة تجاه واقع اتحاد الكرة وطريقة إدارته للمنتخب والتي لا تشجع على الحدود الدنيا من التفاؤل بمرحلة مختلفة.

الوقوع في مجموعة تضم استراليا واليابان والعراق والإمارات وتايلند تعطي مؤشراً واضحاً على أن بطاقتي العبور ستكون لمصلحة “محاربي الساموراي” و “الكانغرو” إذا ما تكلمنا وفق الواقع لا وفق المأمول، وبالاستناد على الأرقام لا بالركون للأحلام، نقول ذلك بالنظر إلى ما وقفنا عليه من تصريحات مستنسخة كأناشيد فلكلورية لمسؤولي الاتحاد السعودي خصوصاً أحمد عيد الذي بتنا نحفظ كلماته وعدد أنفاسه قبل أي تصريح صحفي.

يكفي لمعرفة خطورة المرحلة بعيداً عن الحديث الإنشائي والكلام المعسول ودغدغة المشاعر أننا سنواجه بطلي آخر نسختين لبطولة أمم آسيا، والمتأهلين لآخر نسختين للمونديال اللذين غاب عنهما “الأخضر” بعد حضوره في أربع نسخ متتالية، ويكفي كذلك أنهما أكثر المنتخبات الآسيوية حصداً للنقاط في مجموعتيهما اللتين تأهلا من خلالهما لهذا الدور، في الوقت الذي ودع فيه المنتخب السعودي آخر نسختين لكأس آسيا من دورهما التمهيدي بعد مستويات ضعيفة ونتائج مخيبة وفشل في العبور إلى مونديالي جنوب أفريقيا والبرازيل، بل إنه فشل حتى في التأهل إلى الجولة النهائية من التصفيات السابقة في مؤشر يُبيّن مستوى الانحدار الذي وصله.

“الأخضر” بحاجة إلى خطوات استباقية لمرحلة التحضيرات لضمان أن تكون في أعلى مستوى وبقدر التطلعات، وأول خطوة في الاتجاه الصحيح نحو التصفيات هو كف يد اتحاد الكرة عن إدارة شؤون المنتخب، وتسليم إدارته للجنة مستقلة تتقاطع في عملها مع الاتحاد لتوفير الدعم المادي واللوجستي من دون أن يكون له سلطة عليها، وتستمر في إدارته حتى بعد مجيء الاتحاد المنتخب في ديسمبر المقبل؛ إذ ليس من المعقول أن يدار المنتخب كلعبة بين اتحادين حيث سيديره “اتحاد عيد” في النصف الأول من التصفيات بينما سيديره الاتحاد المقبل في النصف الثاني منها، كما أن ليس من الحكمة التعويل على احمد عيد واتحاده في إدارة شؤون المنتخب بعد سلسلة الفشل الطويلة، إذ ليس من العقل في شيء أن ننتظر الحل ممن هو أصل المشكلة.

هنا يأتي دور الأمير عبدالله بن مساعد بكل ما يحمل من صفات رسمية واعتبارية للتدخل لكف يد اتحاد الكرة من دون الالتفات لهرطقات مدّعي الفضيلة الرياضية وهم عنها بعيدون، بأن في ذلك تدخلا حكوميا في عمل الاتحاد وهو ما جعله يحاذر ويتردد ويصمت في مواقف سابقة كانت تحتم عليه التدخل بحزم بما نعرف عنه من خبرة ورؤية وحكمة في إدارة الأمور، بل إن لم يكن عيد وأعوانه منسجمين مع فرضية كف اليد فلا بد عند ذلك من التدخل من جهات أعلى لأننا سنكون قد دخلنا في نطاق المصلحة الوطنية العليا التي تجعلنا جميعاً نقول: سمعاً وطاعة، خصوصاً وأن حضور المنتخب في كأس العالم أكبر من مجرد مشاركة رياضية عابرة.

6