تعيش المملكة العربية السعودية في هذه الفترة تفوقًا ملموسًا في كثيرٍ من قطاعاتها العامة والخاصة على المستوى السياسي والخدمي، وهذا أمرٌ إيجابيٌّ يجب أن يشمل كل المجالات داخل المملكة، والرياضة هي جزءٌ مهمٌّ من ضمن تلك المجالات، لكنها لا تعيش التفوق ذاته في هذه الفترة في كل ألعابها وتنظيماتها، سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، وهذا الأمر لا يخدم الشكل العام لدولةٍ مثل المملكة العربية السعودية تحظى باهتمام القيادة ومتابعتهم لكل شيء؛ لهذا كان من المهم أن يتحرك هذا القطاع، وأعني قطاع الرياضة والشباب بشكل أكثر ديناميكية، ولربما الوضع الجيد نسبيًّا للمنتخب السعودي الأول في هذه الفترة يعطي بصيصًا من الأمل، بأن الأمور قد تعود لسابق عهدها، وربما أفضل، لكن هذا يحتاج وقتًا، والوقت هنا لا يهم كثيرًا طالما البداية ستكون سليمةً، ولن تكون التحركات ارتجاليةً بل مبنيةً على خططٍ واضحةٍ، كما وضّحها الرئيس العام لرعاية الشباب في آخر حوارٍ متلفز له، وهذا فعلا ما نتمناه، ومهما صاحب هذا العمل من أخطاء فإن الأمر متروكٌ لمدى قدرة منظومة العمل كاملةً على تجاوز تلك الأخطاء والاستمرارية وفق البرامج والخطط الموضوعة مسبقًا، ففي تصوري المؤشرات المبدئية تبعث في النفس الأمل، والأمر مرتبط في نهاية الأمر بالنتائج.
فاليوم المنتخب السعودي لكرة القدم يبدأ مرحلةً جديدةً في مسيرته نحو نهائيات كأس آسيا، والتأهل لنهائيات كأس العالم للمرة الخامسة في تاريخه، وهذه المرحلة تتطلب عملًا كبيرًا جدًّا، فتزامن التفوق في كل قطاعات الدولة ومجالاتها يعطي مؤشرًا جيدًا على مدى قدرة هذه الدولة الكبيرة على مواكبة التقدم وتحقيق الإنجازات، لما تحظى به من إمكانيات عالية لا تتوافر في كثير من دول العالم.
أخضرنا اليوم يعيش فترةً جيدةً من الانتصارات، حتى ولو لم تكن تلك الانتصارات هي غاية طموحنا، إلا أن البداية بهذا الشكل تعزز من حظوظنا في الاستمرارية، مع توفير كل الإمكانيات لتي تتطلبها المرحلة الثانية من سباق الفوز بكأس أسيا والتأهل لنهائيات كأس العالم، فالاتفاق مع مدرب المنتخب الهولندي “مارفيك” والتجديد معه لفترة قادمة، وتحديد برنامج واضح للمنتخب خلال الشهور القادمة، مع إعادة التشكيل الإداري للمنتخب، كل هذه التحسينات تفرضها طبيعة المرحلة، وأيضًا عزل منتخبنا وبرامجه عن كل الأجواء المحيطة باتحاد الكرة، خصوصًا وأن الفترة القادمة سيشهد اتحاد الكرة انتخاباتٍ جديدةً؛ لذا من الأفضل أن يكون للمنتخب السعودي إدارةٌ ثابتةٌ خاصة بالمنتخب، ولعل الاقتراح الأنسب في الفترة القادمة أن يتولى الأمير نواف بن فيصل مهمة مدير عام المنتخب السعودي، فالأمير نواف بن فيصل رياضيٌّ مارس العمل الرياضي إداريًّا، ويتمتع بكاريزما القائد، وسيكون له دورٌ إيجابيٌّ في خدمة المنتخب متى ما قبل بالمهمة، فمثله لن يتردد في خدمة وطنه من أي موقع.
ففي المرحلة القادمة التفاؤل مطلبٌ، والدعم مهمٌّ، والوقفة الصادقة بعيدًا عن ألوان الأندية أمرٌ حتميٌّ وضروريٌّ، وعلى الجميع أن يعي خطورة المرحلة، وصعوبة أن تستمر الكرة السعودية سنوات أخرى بعيدة عن الإنجازات القارية، والمشاركة في نهائيات كأس العالم؛ لذا نحتاج لكل من يستشعر أهمية الأشهر القادمة، ولديه القدرة على تقديم عملٍ إيجابيٍّ يخدم الرياضة السعودية.
ودمتم بخير،،،
سلطان الزايدي
zaidi161@