ليس من المنطقيّ أن يبقى شاب سعوديّ واحد دون فرصة وظيفيّة وهناك أجنبيّ واحد متواجد في سوق العمل أو في القطاع الحكومي أو الخاص، فما بالنا وأعداد الوافدين العاملين في المملكة بالملايين وفي مقابلهم ملايين أخرى منن السعوديين العاطلين!.
لسنا شعباً انطوائياً أو رافضاً للتعايش مع الأخر في وطننا، بل إننا شعب كريم ومضياف، ولكننا في الوقت ذاته لسنا مجتمعاً ساذجاً يقبل أن يحلّ الوافد محل ابن البلد في سوق العمل، لتتحول في نهاية العام مليارات الريالات إلى الخارج بينما يبحث أحد المواطنين عن رصيف ليضع فوقه بضاعته سعياً للحصول على نزر قليل من المال يوفر له ولأسرته ما يغنيهم عن سؤال الناس.
قد يقول قائل: الوافد لديه مهارات ليست لدى ابن البلد!، وهذا عذر ليس أقبح من ذنب إنما هو الذنب بعينه، إذ كيف سيكتسب الشاب السعودي المهارة وهو لم يجد فرصة لتنمية قدراته، وما الضير أن يأخذ المواطن فرصته في التعلم والتدرج داخل وطنه وأن يُمنح الصبر والوقت وهو على رأس العمل إلى حين إتقانه لعمله؛ لأنه هو الاستثمار الحقيقي ورأس المال الدائم للاقتصاد الوطنين إن أردنا بناء اقتصاد متين يستفيد من قدرات أبنائه وبناته.
هل الوافدون الشاغلون للفرص الوظيفيّة في القطاعين العام والخاص متخصصون في الطاقة النووية أو الذريّة؟، أليس بإمكاننا نقل تجاربهم وخبراتهم إلى المواطنين الشباب؟، إذن لماذا نجد البعض يقف حائلاً أمام توطين الوظائف، علينا أن نعلم بأن شبابنا هم أولى بالفرص المتاحة، وإن وصلنا إلى مرحلة الاكتفاء حينها نبدأ باستقطاب الكفاءات الأجنبية لسد الاحتياج، وهذا هو التصرّف المنطقي المتوائم مع كافّة المشاريع التنمويّة التي تجعل من المواطن شرياناً لأي تطوّر اجتماعي واقتصادي ومعرفي.
معظم الدول لا تتجه إلى استقدام الأجانب إلا في التخصصات النادرة أو الدقيقة أو في المجالات التي بحاجة لخبرة طويلة في ميدان العمل وتكون غير متوفّرة لدى أبناء الوطن، أمّا ما يجري في العديد من الجهات الحكومية والأهليّة هو أن الوافد يعمل ناسخاً وكاتباً وإدارياً وسكرتيراً ومهندساً في تقنية المعلومات وصيانة الحاسبات،والصحافة، والتعليم وغيرها من التخصصات التقليديّة والتي يتقنها مئات الآلاف من الشباب والفتيات في وطننا، لذلك من الضروري أن نتجه إلى توطين تلك الفرص الوظيفيّة عاجلاً، وأن نضع أيدينا بيد حكومتنا أيدها الله لتوفير أعلى مستويات الحياة الكريمة للمواطنين والمواطنات.
* ماجستير في النقد والنظرية