أمر محزن عندما نشاهد الرياضة السعودية وعلى كافة مستوياتها وجميع ألعابها ولجانها وخاصة لعبة كرة القدم قد تراجعت للوراء وأصابها الوهن والزهايمر المبكر، ولم تتأخر كما يصنفها البعض وإنما بجملة أدق هي لم تتقدم بعد وفاة الأمير فيصل بن فهد – رحمة الله عليه – وإنما توقف نموها من سنوات وأصيبت بما يسمى بالوباء الرياضي مع الاتحاد المنتخب برئاسة أحمد عيد وبعض رؤساء الأندية الذين ترأسوا للشهرة، وحملوا أنديتهم ديوناً بملايين الريالات. للأسف النهج والعقلية التي تدير اتحاد القدم والأندية واللجان الرئيسية والفرعية لم تتطور، وظلت بنفس العقلية القديمة معتمدة بشكل كبير على المحسوبية والصداقات وشلة الاستراحات والديوانيات، وفي منظورهم أن العمل مع (جاهل) مطيع أفضل من العمل مع خبير فاهم يكشفهم ويقلقهم، بالأمس القريب وافقت شركة صلة على كفالة ناديي النصر والهلال في قروض بنكية لسد العجز في الرواتب ودفع المتأخر من عقود اللاعبين والأمور المالية في الأندية تزداد سوءا يوماً بعد يوم؛ لأن معظم الأندية لا تعمل بخطة وإستراتيجية مسبقة واضحة وعملهم بطريقة لكل «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» والرئيس هو (الكل في الكل) الذي يعمل الجميع بما يقوله ويأتمرون بأمره ومن لم يعجبه الحال «فالباب يوسع جمل»، الكرة السعودية على مستوى الأندية والمنتخبات تنتقل من هزة إلى هزة جعلتها تعيش في دائرة الآلام والآمال!.
بيئة العمل في الرياضة السعودية وتحديدا كرة القدم بيئة طاردة ومنفرة ولم تستطع التخلص من ترهل اللجان والمجاملات والتدخلات، فهي تعاني نفاقا اعلاميا وسوء تخطيط في الاتحادات وغيابا للمنهجية الصحيحة في الأندية والمنتخبات، وهناك من يبحث عن النتائج الوقتية دون أي خطة قريبة وبعيدة المدى، يهمه أن يترك منصبه لو بعد فترة قصيرة من توليه وقد حصل على بطولة أو انتصار على ناد منافس، وأن تكتب عنه الأقلام وتمجده الجماهير وتستضيفه البرامج الرياضية وتصوره على أنه البطل والمنقذ.
الرياضة السعودية ومسيروها أخفقوا في التطوير والعمل المنظم وأضحى تقاذف الأخطاء والتقصير بين لجان الاتحاد ومجالس إدارات الأندية في الرياضة، ما نشاهده في بعض اللجان مهزلة وآخر المهازل قضية نادي الاتحاد والقادسية، والسبب أن العاملين في تلك اللجان أتت بهم الصداقة والعلاقة همهم الأول والأخير البقاء في المنصب، ليس لديهم تجارب ناجحة في العمل الرياضي.
القضية لا تكمن في إعادة مباراة أو طرد لاعب أو إيقاف حكم، إنما تكمن في غياب الفكر الرياضي عند من يعملون في لجان الاتحاد ومقرات الأندية ولذلك أضحت الرياضة السعودية من جرف إلى دحديرة، ويا قلب لا تحزن على مستوى المنتخبات والأندية واللجان الفاشلة والباشا الكبير مكبّر الوسادة وضامن المقعد الآسيوي، ويحاول يقود تلك السفينة المخرومة فيما تبقى من المدة النظامية؟!.