بعد أربعة أشهر كاملة من قرار تشكيل لجنة تحقيق في قضية اللاعب سعيد المولد جاءت النتيجة كما أراد الاتحاد السعودي أن تأتي، وبمعنى أدق جاءت، كما وردت في بيانه أول مرة حينما أُوقِف مسؤول TMS في لجنة الاحتراف خالد شكري وحُمِّل نادي الاتحاد المسؤولية كاملة عما جاء في المذكرة، وكأن من أصدر القرار وصاغ بيان اتحاد الكرة الأول في أكتوبر الماضي هو نفسه من أصدر قرار لجنة التحقيق وصاغ بيانها الأخير.
نتيجة التحقيق -ببساطة- أعادت القضية لمربعها الأول، فالأهلي الذي صعد القضية للأمير عبدالله بن مساعد بصفته رئيساً للجنة الأولمبية السعودية على إثر ما جاء من اتهامات خطيرة وعبارات مسيئة في مذكرة نادي الاتحاد والتي صادق عليها اتحاد الكرة لن ترضيه تلك النتيجة أبداً، بل أراه سيستشرس أكثر هذه المرة ولن يقبل إلا بتصعيد القضية للجنة الأخلاق والقيم في الاتحاد الدولي، وسكوته طوال تلك الفترة ليس ارتضاءً بقرار تشكيل اللجنة وإنما لإلقاء الحجة على الجميع قبل اتخاذه قرار التصعيد.
الأهلاويون من أصحاب القرار سيتعاطون مع اتحاد الكرة في القضية هذه المرة على طريقة كسر العظم لأنهم يرون في اللجنة ونتائجها إمعاناً من اتحاد الكرة في الإساءة لهم والالتفاف عليهم، وهم أصلاً لم يرتضوا تشكيلها بتلك الصورة، وقد عبر عن ذلك عضو شرف النادي ومستشاره القانوني خالد أبو راشد، وهم محقون؛ فأي منطق وأي حياد يُرتجى حين يرأس اللجنة محامي الاتحاد السعودي ويكون في عضويتها أعضاء من لجنتي الانضباط والاستئناف، وكأن اتحاد الكرة يقول للأهلاويين باستفزاز واضح: فيَّ الخصام، وأنا الخصمُ والحكم!.
وللحق وبعيداً عن أزمة الأهلي مع اتحاد الكرة فإن نتيجة التحقيق مستفزّة ليست للأهلي بل للوسط الرياضي، فأي منطق وأي أعراف إدارية وقانونية حين يدان موظف بسيط هو خالد شكري في قضية المولد بكل ما فيها من تعقيد وحساسية دون أن يتحمل اتحاد الكرة نفسه برئيسه احمد عيد ورئيس لجنة الاحتراف الدكتور عبدالله البرقان والأمين العام أحمد الخميس أية مسؤولية، وهم المدانون بحكم الواقع في كل الأحوال، فعلمهم بما حوته المذكرة ومصادقتهم عليها تدينهم لأن فيها تجاوزاً عما ورد فيها، وعدم علمهم بما فيها وترك مخاطبة الكيانات الدولية للموظفين الصغار وبمطبوعات وأختام الاتحاد دون متابعتهم هو إهمال إداري يدينهم أيضاً.
الأزمة ستتعقد أكثر مع رمي اتحاد الكرة مسؤولية المذكرة وما حوته على نادي الاتحاد، ما يعني أن المعركة ستكون مفتوحة على أكثر من جبهة، وهو ما سيضعنا أمام مشهد دراماتيكي ساخن ومعقد في قادم الأيام، وهو ما يؤكد على حقيقة أن لجنة التحقيق بدلاً من أن تكون مصدر حل أصبحت مصدر مشكلة.
في الزاوية المنظورة تبدو الأزمة وكأنها أزمة خاصة بين الأهلي ونظيره الاتحاد وبينهما اتحاد الكرة؛ لكنها من زاوية أخرى هي أزمة تعني كل المتماسين مع الاتحاد السعودي لأنها أزمة تتعلق ب “اتحاد الوطن”، وهي ما يصيبنا بغصة ونحن نشاهد واقع الحال في كرتنا والذي بلغ هذا المبلغ من السوء المستشري والفوضى المخجلة والتصعيد الدولي المتتابع.