في غضون أسبوع واحد خرج د. حافظ المدلج ليزف للوسط الرياضي اكتشافه الجديد بأننا اليوم نعيش في “زمن النويصر”، ويقصد بذلك أن المرحلة الراهنة من عمر الكرة السعودية تتطلب قيادياً فذاً للإمساك بمقودها، ولا أحد يمكنه أن يلعب هذا الدور غير صديقه محمد النويصر، في المقابل أطل علينا النويصر الذي ترجل عن كرسي رئاسة الرابطة مؤخراً مسوقاً لترشيح نفسه لرئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم إذ قدم ذاته سوبرمان الكرة السعودية.
النويصر بطريقة طاووسية لم نعتدها منه قال: “فكرت بمغادرة الوسط الرياضي تماماً، لكنني أقولها بكل أمانة إذا لم أجد شخصاً يستحق أن يمسك رئاسة الاتحاد السعودي وأثق بأنه سيسير بالاتحاد للأفضل فأنا موجود”!، قبل أن يضيف: “حتى الآن لا يملك المرشحون “تركي بن خالد، محمد بن فيصل، طلال آل الشيخ، محمد المسحل” الخبرة التي أملكها والتي بدأت من مرحلة البراعم مروراً برئاسة نادي الشباب حتى دخولي أبواب الفيفا”!.
النويصر والمدلج يصران دائماً على مراوغة الوسط الرياضي إذ يقدمان تجربتهما على الدوام على أنها التجربة الأنجح على الإطلاق، ويريدان منا باستذكائية مفضوحة اختزال عملهما في قيادة الكرة السعودية طوال عقد ونصف في حضورهما في رابطة دوري المحترفين، ولا يكتفيان بذلك بل نراهما يقتطفان منها ما يريان أنها نجاحات ويتجاوزان بكل خفة عن الإخفاقات في اعتقاد منهما أن الوسط الرياضي يملك ذاكرة مخرومة.
يقول المدلج: “النويصر لا يستأثر بالإنجاز لنفسه ولا للرابطة، فهو مستعد لإشراك الجميع في النجاح كجزء من “ثقافة الرابطة” التي تنظر للمصلحة العامة وتركز فيها، وأكاد أجزم أن “الرابطة” هي السبب الرئيس في النقلة النوعية في قيمة الدوري وعوائد النقل التلفزيوني ورعايات الأندية وبيئة الملاعب ومضاعفة الحضور الجماهيري، ولكن الجميع يشارك في المنجز ويتغنى به لأن صدر وعقل “أبي عبدالله” يتسع ل “نحن” ولا يقتصر على “أنا”، ولذلك أتمناه رئيساً للاتحاد السعودي لأن هذا “زمن النويصر”.
بالمسار ذاته يذهب النويصر الذي يتحدث عن رابطة لا نعرفها فحين نسمع كلامه نحسبه يتحدث عن رابطة الدوري الانجليزي؛ إذ يقول: “عمل الرابطة عمل مؤسساتي ولا يعتمد على أشخاص، ولا توجد منظمة رياضية موجودة في المملكة فيها كوادر مؤهلة كرابطة دوري المحترفين”، ثم يذهب ليعدد مآثرها ومنجزاتها، لكنه لا يقول إن هذه الرابطة ما زالت تعمل منذ ثمانية أعوام حتى اليوم من دون نظام أساسي، ومن دون اجتماعات لمجلس إدارتها، ومن دون تقارير مالية معلنة، كما لا يأتي على ذكر أن ثلثي الأندية مستاءين من عمل الرابطة، ومن وجوده تحديداً، وأن الأمور كادت أن تتطور بينهم للتقاضي، فضلاً عن إصراره القفز على سلسلة الإخفاقات التي وصلت إلى حد التندر والنكات كما في حكاية “بوابات حافظ”.
المدلج والنويصر يريدان مسح ذاكرة المتابع الرياضي بمحاولة تغييبه عن الوعي بحقيقة أنهما يعملان في “كابينة” قيادة الكرة السعودية منذ عام 2001 عضوين في اتحاد الكرة، إذ لم ينقطع النويصر منذ ذلك الوقت حتى اليوم، فيما توقفت مسيرة المدلج بسبب فخ رئاسة الاتحاد الآسيوي الذي أوقع نفسه فيه، وهي الأعوام ال 15 التي شهدت على تتالي انحدار الكرة السعودية منذ ثمانية ألمانيا في مونديال 2002 حتى بلوغنا إلى هذه الهاوية السحيقة التي نحن فيها اليوم، وعودتهما من جديد إن حدثت فلن تكون سوى عملية تدوير للفشل التي لن تنتج حتماً غير الفشل وإن بشكل أجمل!.