عندما تريد الفكرة القبيحة أن تكسب مشروعيّتها داخل المجتمع فإنها تبحث عن غطاء جماليّ في ظاهره، لتستطيع السيّر من تحت الستار في سبيل حشد الأنصار المنساقين خلف جماليّة الفكرة التي تصيبهم بعمى فكري يعطّل آليّات العقل ويعيق التزامه بالمعايير المنطقيّة.
مع مطلع القرن الهجري الحالي واجه الشباب السعودي موجتين متطرفتين دينياً إحداها سنيّة والأخرى شيعيّة، تمثلت الأولى باعتداء جهيمان على قدسيّة الحرم المكي الشريف برفقة (200) مسلّح فجر الأول من محرم عام (1400هـ)، والثانية ظهرت في الثورة الإيرانيّة مع الخميني عقب سقوط نظام الشاه بهلوي ومحاولاته الحثيثة لتصدير الثورة إلى سائر البلدان العربية بهدف زعزعة استقرارها على الرغم من أن الثورة ذاتها كانت مدعومة من قوى خارجيّة.
تجربتا جهيمان والخميني تنطويان على ذات القبحيّات الثقافيّة والمتأسسة على أطماع سلطويّة بعيدة كل البُعد عن النصوصّ الدينيّة المقدّسة التي كان يزّج بها كوسيلة لإقناع الشباب لتجديف داخل قارب النجاة المزعوم، وتحديداً بعد فشل المشروع العروبي وخلو الساحة من أي اتجاهات فكريّة، والاثنان وجدا بأن تراجع الثقافة الدينيّة لدى العامة تمثل مدخلاً ممهداً لاستغلال الدين كقناع جمالي.
الآن، تفصلنا عن حادثتي جهيمان والخميني أكثر من (30) عاماً، لكن تبعات ما جرى في العقود الثلاث الماضية أنتجت عقلية لا تزال سارية المفعول، قد تختلف المسميات قليلاً ولكن الأتباع في نهاية المطاف يحملون ذات المنهج المتطرّف والإقصائي الذي لا يؤمن إلا بلغة الدمار لا الحوار، ومن يستقرئ الأسس الفكريّة لتلك المناهج رغم اختلاف توجهاتها ومرجعيّاتها الثقافية والمعرفيّة يجد بأنها تشكّلت بذات الكيفيّة وكأن خلفها جهة واحدة مسؤولة عن قولبت التنظيمات المتطرّفة وعسكرت الشباب عبر خطابات وجدانيّة تواري سوءتها عن مساءلة العقل ومحاكمته.
التجارب السابقة المستترة بالديّن رغم نتانة أفكارها ستكون بمثابة المصل الوقائي الذي سيقضي على الكثير من الجراثيم الفكريّة؛ لأنها أسقطت الكثير من الأقنعة الجماليّة لتكشف عن قبح كارثيّ يقوّض أسسها، وسيستطيع الجيل القادم معرفة كيف كان بعض أسلافهم لعبة ساذجة بيد أعداء الوطن، وستخبرهم الأحداث الماضية بصدق كيف كانت تُدار اللعبة بعد أن تكشّفت أوراق الأيادي الخفيّة الطامحة إلى مواصلة الارتقاء نحو الهاوية مستعينة بأكتاف مظاهر التديّن عبر انتقائها المبتور لنصوصه الشريفة، وتفسير ما جاء به نبيّ الهدى والرحمة تفسيراً مشوهاً لا يخدم سوى أغراضهم الإجراميّة المتنافية مع المبادئ السامية والسمحة.
القبيح يتجمل برداء الدين