لا أفهم سرّ تمسك اتحاد الكرة السعودي بضرورة التعاقد مع مدربٍ عالميٍّ، يقود الأخضر السعودي في الاستحقاقات القادمة، وكأن هذا المدرب يملك عصا سحريةً ستعيد للأخضر السعودي بريقه وتوهجه على مستوى القارة، والحقيقة التي نعلمها وندركها وفق سنوات الانتصارات والتربع على عرش الكرة الآسيوية تقول: إن منتخبنا تفوّق بمدربين ليسوا عالميين، وأكثرهم مدربون وطنيون، بدايةً بالمدرب القدير خليل الزياني، ثم محمد الخراشي وناصر الجوهر وغيرهم، حتى على مستوى الفئات السنية، إذاً لا يمكن أن نجزم بأن الكرة السعودية لن تعود إلى الواجهة إلا بقيادة مدربٍ عالميٍّ!!.. وهذا الأمر لم يحدث على مرِّ السنوات الطويلة الماضية، بمعنى لم تكن النتائج مع المدربين العالميين مبهرة للحدّ الذي يجعلنا نعول على هذا التفكير والتوجه بالآمال العريضة.
فالمدرب الكبير والعالمي على سبيل المثال “ريكارد” جاء لتدريب المنتخب السعودي من أجل المال، وهذه حقيقة يعلمها القاصي والداني، فليس من المعقول أن يوقّع مدربٌ بحجم “فرانك ريكارد” عقداً يدرب فيه المنتخب السعودي، وهو يدرك جيداً أن الكرة السعودية تحتاج إلى عملٍ كبيرٍ، ولن يكون النجاح حليفه في ظل كل تلك الصعوبات، لكنه نظر للأمر من منظور مصلحةٍ شخصيةٍ بحتةٍ، فلن يحصل على عقدٍ كبيرٍ بهذا الحجم إلا مع السعوديين، لذلك وافق بعد أن كبّل اتحاد الكرة بشروطٍ جزائيةٍ، الله وحده يعلم مدى حجم الضرر التي تركته على اتحاد الكرة بعد رحيله.
فالمسألة لمن يريد أن يفهم، لا ترتبط بمدربٍ عالميٍّ كبيرٍ يُدفع فيه ملايين الدولارات، القضية مرتبطةٌ بترتيباتٍ عامةٍ وإستراتيجياتٍ تسير على خطٍّ متوازٍ إلى أن تصل لمرحلةٍ معينةٍ، تكون فيها فكرة الاستعانة بمدربٍ عالميٍّ مناسبةً وتؤتي أكلها، أما في هذا التوقيت فإن البحث عن مدربٍ عالميٍّ لن يقدم للكرة السعودية متمثلة في اتحادها إلا الخسائر المالية الباهظة.
إن كرة القدم في السعودية رغم قوة الدوري تحتاج إلى مزيدٍ من العمل والتطوير على كافة الأصعدة، خصوصاً في قطاع الفئات السنية التي من خلالها يمكن تأسيس جيلٍ محترفٍ يؤدي عملاً منظماً في كل جوانب حياته اليومية.
ويجب أن نتفهم أن الحقيقة مهما كانت قاسيةً، إلا أنها تصنع التغيير متى ما اعترفنا بها وبادرنا بالعمل المنظم والذي يرتبط بتجهيز كل أدوات التغيير، مع وجود الفكر الذي يؤسس لبيئة عملٍ جيدةٍ، عندها سنسير في الاتجاه الصحيح الذي يتناسب مع إمكانياتنا وظروف حياتنا، ومع الوقت سنصل إلى مراحل متطورة، وسنلاحظ أن احتياجاتنا بدأت ترتقي لمراحل مهمة ينتج عنها نتائج جيدة ترفع من أسهم الكرة السعودية في كل أنحاء العالم.
وما يحدث اليوم في اتحاد الكرة من عملٍ ينقصه الكثير، ونسبة الإيجابيات مقارنة بالسلبيات ضعيفةٌ وقليلةٌ جداً لا تتوافق مع حجم الاتحاد وقيمته.
إن تركيز اتحاد الكرة على ضرورة التعاقد مع مدربٍ عالميٍّ خطأٌ كبيرٌ، ومن سلبيات هذا التركيز أن المنتخب السعودي ظلّ بلا مدربٍ فترةً زمنيةً طويلةً، وعندما قرر الاستعانة بالمدرب الوطني “فيصل البدين” وصفوه بالمدرب المؤقت، وهذا خطأٌ كبيرٌ فيه انتقاصٌ من قيمة المدرب الوطني، وكان بإمكان اتحاد الكرة أن يعلن تعيين الكابتن “فيصل البدين” كمدربٍ رسميٍّ للمنتخب السعودي دون أن يوضح أنه مدربٌ مؤقتٌ إلى أن ينتهي اتحاد الكرة من اختيار مدربٍ عالميٍّ -رغم تحفّظي على فكرة مدربٍ عالميٍّ في هذا التوقيت-، فالجمهور السعودي لا يهمّه في الأمر نوعية المدرب، يريد لمنتخب بلاده أن يحقق نتائج إيجابية فقط، مع مدربٍ أجنبيٍّ أو وطنيٍّ لا يهم، وطالما اتحاد الكرة يثق في إمكانيات “فيصل البدين” وقدرته على تقديم عملٍ جيدٍ للمنتخب وفق ما يحمله من “سيفي”، كان يجب أن يقف معه ويعطيه كل الثقة بمنحه الفرصة كاملة؛ حتى يعمل ويضع إستراتيجياته المناسبة التي تتطلبها المرحلة.
ويجب أن يعي اتحاد الكرة بصفته المسؤول الأول والمباشر عن المنتخب السعودي أن المرحلة المقبلة مهمةٌ وخطيرة جداً، والتصفيات القادمة تعتبر أهم تصفياتٍ يخوضها المنتخب السعودي منذ تأسيس اتحاد الكرة، فالخروج من التصفيات الأولية المؤهلة لكأس العالم 2018م، وكأس آسيا 2019م لا سمح الله ستكون ضربةً قاصمةً لرياضة كرة القدم في السعودية، وسنعاني من تأثيراتها السلبية فترةً زمنيةً طويلةً على كافة المستويات؛ لذا من المهم أن يحضر التركيز في الفترة القادمة على المنتخب، ويكفّ مسؤولو الاتحاد عن الحديث في شأن المدرب العالمي القادم، فلو حدث الإخفاق في المرحلة القادمة لن يرحمهم أحد، ولن يكتفي المواطن السعودي باستقالتهم فقط، بل سيذهب إلى أبعد من ذلك، وسيطالب بالتحقيق معهم، وإيضاح الحقيقة للناس.
أخضرنا يمثل وطناً وشعباً فاحرصوا على تفوقه.
ودمتم بخير،،،
سلطان الزايدي
@zaidi161