ربما أكثر ما يزعج المشجع الهلالي الواعي والمدرك لحال فريقه على المستوى الفني، هو وجود مَن يتعمّد إخفاء حقيقة الوضع الفني للفريق، وإيهام الجمهور أن ما يحدث للفريق من هجومٍ وانتقاداتٍ واسعةٍ هي مؤامرةٌ، الهدف منها إسقاط الفريق الهلالي وإبعاده عن المنافسة والوصول إلى منصات التتويج، التي اعتاد عليها طيلة تاريخه الكبير والحافل بالإنجازات؛ لأنه يدرك جيداً أن حديثاً كهذا لن يعيد الهلال إلى وضعه الطبيعي، ولن يتغير حاله حتى لو تسلّح بأفضل العناصر، طالما أن الجدية في الأداء غائبةٌ والانضباط مفقودٌ.
فالهلال اليوم ينقصه أشياءٌ كثيرةٌ تتمحور حول متطلبات مهمةٍ يحتاجها أي فريق كرة قدم في العالم، متى ما توافرت، فإن النتائج الايجابية ستكون مصاحبةً لها، وهذه المتطلبات لـمَن يعي دورها ويجيد قراءة الواقع المبني على نوعية الأداء داخل الملعب، يستطيع أن يكتشفها دون عناءٍ في الفريق الهلالي، من خلال بعض الأحداث التي تحدث للفريق داخل الملعب، سواء على الصعيد الفني والتكتيكي، ومدى الانضباطية في تنفيذ الأدوار الفنية التي يطلبها المدرب، أو من خلال بعض السلوكيات الانفعالية التي تصدر عن بعض نجوم الفريق الذي يعوّل عليهم الجمهور الهلالي الشيء الكثير، رغم أن الأمر اليوم تطور وطال الجهاز الإداري للفريق الذي من مهامه الرئيسة ضبط الحالة الانفعالية للاعبين.
إن التشخيص العام لحال الهلال ليس بالأمر الصعب، فالفريق موجودٌ كشكلٍ داخل الملعب، إلا أنه غائبٌ كفكرٍ وروحٍ، وطغى على بعض نجومه عدم المبالاة وعدم الجدية في الأداء، وحتى لو حاولنا أن نقنع المشجع الهلالي أن الفريق تعرّض لظلمٍ تحكيميٍّ، خصوصاً في البطولة الآسيوية بداية مع “نيشمورا” في نهائي السابق أمام “سيدني”، إلى مباراة “بيروزي” الأخيرة في إيران، لكن الحقيقية يجب أن نقولها: منذ متى والهلال ينظر إلى التحكيم وأخطائه، ومنذ متى يظهر مسؤولو الهلال للجمهور، يبررون الإخفاق ويضعون التحكيم أو غيره كشماعة للأخطاء؟! فالسياسة الهلالية السابقة في فترات البطولات كانت تعتمد على تكوين فريقٍ قويٍّ منظمٍ داخل الملعب كله روحاً وعطاءً، ومجموعةٌ واحدةٌ تقاتل من أجل الكيان لإسعاد الجماهير.
أمّا اليوم لا يوجد حتى ولو الجزء اليسير من تلك السياسة، فالفريق يعتمد على نجومٍ لا يعنيهم في الفريق إلا أنفسهم فقط، حتى داخل الملعب هم يلعبون لأنفسهم بمنتهى الأنانية وكأنهم في مباراةٍ استعراضيةٍ، ناهيك عن الحالة الانضباطية لهم خارج الملعب، وأثناء أداء التمارين في ظلّ غياب الحزم الإداري، ولعل أقرب مثالٍ يمكن الاستشهاد به حدث قبل بضع أسابيع، عندما تغيّب نواف العابد عن مرافقة الفريق في إحدى مبارياته الخارجية بحجة النوم، وكان من المفترض فرض عقوبةٍ إداريةٍ قاسيةٍ على اللاعب، إلا أن هذا لم يحدث، وعاد العابد للمشاركة مع الفريق، وهذا الموقف يمثل جزءاً من علة الهلال في الفترة الأخيرة.
إن الهلال اليوم يحتاج لفكر قائدٍ حازمٍ، يعيد النظام للفريق، ويجيد رسم السياسات المستقبلية للفريق، ولديه القدرة على توفير كل الاحتياجات، متى ما وجد هذا القائد سيعود الهلال لسابق عهده، وهذا الأمر ليس بالسهولة التي من الممكن أن يتخيلها المشجع الهلالي، طالما أن أكثر أعضاء شرف النادي اكتفوا بالمتابعة عن بعد، دون أن يكون لهم دورٌ واضحٌ في رسم تلك السياسة بإيجاد الرئيس القادر على انتشال النادي من هذا الوضع الذي لا يليق بالهلال على كافة المستويات.
والتقارير الصحفية الصادرة مؤخراً تكشف عن عجزٍ ماديٍّ كبيرٍ في خزائن الهلال يقدر بـ 100 مليون ريال كديونٍ على الإدارة السابقة، ومن يفكر أن يتصدى لهذه المهمة ويقرر أن يتقدم لرئاسة الهلال ستصدم رغبته بهذه المعضلة، التي تحتاج قبل أن يفكر الهلاليون في تنصيب رئيسٍ لناديهم حلّ مسألة الديون المتراكمة على النادي، بعدها قد تكون هذه الخطوة هي البداية الحقيقية لعودة الهلال.
وهذا الموسم لم ينتهِ بالنسبة للهلال، وبمقدور المجموعة المتواجدة الآن أن تقدم نتائج إيجابيةً فيما تبقّى من الموسم، إذا ما تمّ تفادي بعض الأخطاء الفنية والإدارية.
ففي آسيا يستطيع الهلال أن يتغلّب على الفريق الإيراني في الرياض وبنتيجةٍ مريحةٍ، يصل من خلالها إلى دور الثمانية، بعدها سيكون أمام الهلال فترة إعدادٍ كافيةٍ يستعد من خلالها لدور الثمانية، وفي كأس الملك لديه القدرة على تجاوز فريق الاتحاد الذي يعاني مثله على الصعيد الفني ليصل إلى النهائي، وفي النهائي قد تلعب الظروف لمصلحته، ويطير بكأس الملك؛ لينهي موسمه ببطولةٍ تعيد له ثقة جمهوره، وتفتح الباب أمام أعضاء الشرف للعودة مرة أخرى إلى الوقوف مع الكيان ودعمه وإعادته إلى سابق عهده كفريق يمتّع عشاقه ويفرحهم بالذهب في المواسم القادمة.
ودمتم بخير،،،
سلطان الزايدي
@zaidi161
جريدة اليوم