بعض الأندية العريقة والتي لها تاريخٌ طويلٌ في كرة القدم، عندما تهبط لمصافّ الدرجة الأولى تشعر بغصّةٍ وأنت تتابع أخبارها، وينتابك إحساسٌ بالحزن لتدهور أوضاعها الفنية والإدارية، كالاتفاق مثلاً “فارس الدهناء”، والوحدة صاحب التاريخ المجيد في هذه اللعبة، والنهضة، والقادسية الذي يملك سجلاً جيداً من الإنجازات على المستوى المحلي والقاري، كل هؤلاء لا يليق بتاريخهم إلا دوري عبد اللطيف جميل مع الكبار، لكن كثرت الخلافات والمشاكل الإدارية والفنية، وضعف الاهتمام من أبناء المنطقة ميسوري الحال أدّى إلى تذبذب نتائجهم، فتجدهم تارةً في دوري الكبار يصارعون على الهبوط، وتارةً ينافسون على الصعود من أجل العودة مرة أخرى إلى دوري الكبار.
وبهذا الطموح لن يتغير حالهم، وسيظل التأرجح هو واقعهم، طالما العوامل الأساسية للنجاح غائبةٌ، والنزاعات حاضرةٌ…!!
اليوم نبارك لنادي الوحدة والقادسية على التأهّل، وفي نفس الوقت نتمنى أن يستمران سنواتٍ طويلةً في دوري الكبار، وهذه الأماني لا تأتي إلا بالعمل، والخطط الواضحة لمستقبلٍ مختلفٍ، يحقّ للقادسية أن يفخر بإنجازه لكن لا ينتظر من جمهوره الرضا على فترة هبوطٍ أخرى، وهو النادي الذي يعتبر منبعاً لاكتشاف المواهب على مرّ تاريخه، فالأرقام والإحصائيات تدل على ذلك. وكل أولئك النجوم استطاعوا أن يكونوا علامةً فارقةً في مسيرة الرياضة السعودية لسنواتٍ طويلةٍ، وهذا هو المحير في الأمر..!! فالقادسية يجيد فرز المواهب واكتشافها وصقلها وهذه من أهم مميزاته كنادٍ، لكن المشكلة لا يعرف كيف يستفيد من تلك المواهب، ولو قدّر لهم الاستفادة الفنية من كل تلك المواهب في فتراتٍ سابقةٍ لربما كان القادسية الآن ضمن الكبار بالإنجازات والجماهير.
الوحدة أيضاً يملك نفس الميزة بدرجةٍ أقل، ولديه كل المقومات التي تفرض استمرار هذا النادي ضمن مصافّ الأندية الكبيرة، لكن مشكلة الوحدة ليست بعيدةً عن القادسية، فالانقسامات والخلافات لا تكاد تغادر هذا النادي حتى تعود له…!! وعندما تعود تكون النتائج محبطةً لكل عشاقه، ولا تشجع أيّ محبٍّ للاقتراب، والقيام بدورٍ إيجابيٍّ يساعد النادي على المواصلة في المنافسة، فتكون النتيجة دوامةً من الإخفاقات تنتهي إلى الهبوط، وسيظلّ الحال على هذا الشكل طالما الأمور الإدارية لا يطرأ عليها أيّ تغييرٍ.
إن الوحدة تأهّل فعلاً، لكن المعضلة التي ستواجهه الآن هي فتح باب الترشيح لانتخاب رئيسٍ جديدٍ يقود الوحدة لأربع سنواتٍ، هذا إذا سلّمنا باستمراريته في رئاسة الوحدة، فأول المشاكل في تحديد موعد انعقاد الجمعية العمومية، والتوقيت المتأخر لانعقادها! خصوصاً وأن الفريق ينتظره عملٌ كبيرٌ بعد التأهّل، فإن نجح الرئيس القادم في كسب الوقت وتحرك بشكلٍ سريعٍ لتجهيز الفريق، فهذا أمرٌ إيجابيٌّ في حال أن كل المؤثرين والمهتمين بالفريق الوحداوي من رجال الأعمال في مكة، وقفوا وقفة رجلٍ واحدٍ مع الرئيس القادم.
والحقيقة إن مثل هذه الأندية الكبيرة والعريقة عندما تفكر بالشكل الصحيح والسليم، آخذة في عين الاعتبار تاريخها الكبير لن يقبل رجالاتها المخلصين أن تصبح نقطة عبورٍ للأندية الكبيرة، وضيفاً غير دائمٍ مع الكبار، والطموح يعني أن يُثبّت الفريق أقدامه مع الكبار، ثم بعد ذلك يتدرّج في طموحه حتى يصل إلى مستوى المنافسة على تحقيق منجزٍ، وليس بالضرورة أن يكون هذا المنجز بطولة الدوري، رغم أن الأمر غير مستحيل، فالفتح منذ صعوده حتى اليوم تدرّج في طموحاته وحصد بطولة الدوري، وهو منذ سنواتٍ طويلةٍ مع الكبار، ولا أظنه يهبط مستقبلاً طالما هناك رجالٌ أوفياء تعني لهم محافظتهم الشيء الكثير، ويسعون جاهدين لإبراز كل إيجابياتها، والرياضة أحد أهم تلك المجالات التي تدل على تفوق المنطقة ومدى حجم الاهتمام.
ما أريد أن أصل إليه في هذا المقال أمنية تتمثل في: أن لا تكون الوحدة أو القادسية الموسم القادم ضمن الهابطين، فلو حدث ذلك فليس لفرحتهم التي شاهدنها بعد التأهّل أي معنى، فالعمل الحقيقي يجب أن يبدأ من الآن، والخطط يجب أن توضع وفق إمكانياتٍ وإستراتيجياتٍ معينةٍ، تهدف إلى تأسيس طموحٍ معينٍ كهدفٍ إستراتيجيٍّ، كأن يكون البقاء الموسم القادم ضمن منطقة الدفء ومن ثم التدرج في الطموح.
يستحق ناديا القادسية والوحدة أفضل من كل ما قدماه في الدرجة الأولى، وهما جديران وفق وجودهم في مناطق تعجّ بالمواهب ورجال الأعمال الأثرياء أن يصلوا إلى أبعد من هذا، فالطموح هو ما ينقصهم مع التضامن وتغليب المصلحة العامة على كل المصالح الأخرى، ويكون تفكيرهم منصباً في دعم أنديتهم إلى تحقيق منجزٍ تفخر به منطقتهم، ويكون مؤشراً حقيقياً على مدى حجم الاهتمام والتطور في المدينة.
ودمتم بخير،،،
سلطان الزايدي
zaidi161@