من الطبيعي أن تختلف ردّة فعل الخسارة لأي مباراةٍ في كرة القدم عند الجمهور عن ردة الفوز، وتحقيق النتائج الإيجابية، فعند الفوز تجد الجميع سعيد بالانتصار، وقليلٌ من يتحدث عن الهفوات ونقاط الضعف للفريق بعد الفوز، لكن أم الكوارث لحظات الخسارة، وما يتبعها من ردة فعلٍ تستمر لعدة أيام وربما سنوات، يخرج فيها الجمهور والنقاد والمحللين بآراءٍ كثيرةٍ ليس لها أولٌ ولا آخر، وقليلٌ منهم مَن يعزل ميوله ويتحدث بمنطقٍ وواقعيةٍ.
فأحياناً يقدم الفريق مباراةً كبيرةً جداً على المستوى الفني والجهد البدني، لكنه لا يخرج بنتيجةٍ في المباراة، في هذه الحالة يحتاج الجمهور لمن يحلل جمال الأداء وروعته، لينسي تلك الجماهير مرارة الخسارة، في كرتنا هذا الأمر لا يحدث..!! فالخسارة لها مسبباتٌ ولها جوانب ضعفٍ، والمتعصبون والعاطفيون مَن يكتشفون هذا الضعف، فيبدأ الهرج والمرج ويتأثر به مَن يتأثر، وتتحول مباراة هذا المهزوم من مباراةٍ كبيرةٍ قدّم فيها الفريق كل شيءٍ جميلٍ في عالم الكرة إلى مباراةٍ ضعيفةٍ فيها من الأخطاء الكثير، من هنا تبدأ مرحلة عدم الاتزان والتشكيك في نوعية العمل، وتتحرك اللعبة الحقيقية وهي لعبة الإعلام وحبكته .
في الكرة السعودية خسرنا نجوماً كثيرةً، ومدربين كثر، وإداريين مميزين بسبب الإعلام، ومن يقفون خلف المايكات في الإذاعات وعبر البرامج المتلفزة دون أن نقنن في عملية الاختيار وفحص المستوى الفكري لكل ناقدٍ أو محلل رياضي.
فالآراء غير المتزنة أو التي تحضر من أجل عمل (أكشن) وإثارة مصطنعة في مجملها تلحظ أن توجّهاً يغذي التعصب بين الرياضيين، هذه البرامج تفتقد للاتزان والموضوعية، وتضع نصب عينها أهدافاً معينةً بعيدةً كل البعد عن الواقعية والارتقاء بذائقة المتابع الرياضي، أنا هنا لا أتحدث عن برنامجٍ بعينه، وليس من الذكاء فعل ذلك، فالجميع اليوم أصبح واعياً ويدرك جيداً هدف كل برنامج أو التقارير والمواضيع الصحافية، فالمفيد يبقى مفيداً يجذب العقلاء ويستمتعون بمتابعته، والمثير للتعصب أيضاً يظهر واضحاً جلياً أمام المتلقي .
فمن يتابع النجم الكبير (حمزة إدريس) في برنامج بتال القوس (في المرمى) على العربية، لا يمكن أن يشعر ولو للحظة أن هذا الرجل يتحدث كغيره من المحللين والفنيين، فالمتمعن في حديثه وأسلوب طرحه لآرائه يجد الفرق بينه وبين غيره، فهو يجيد ربط حديثه بما دار داخل الملعب، والأجمل من هذا لديه قدرةٌ عاليةٌ في قراءة المستقبل، يعتمد في ذلك على خبرته في الملاعب التي تعتبر أداةً مهمةً من أدوات أي محلل أو ناقدٍ فنيٍّ، حتى يستطيع أداء دوره كمحلل، وهذا ما يميزه عن غيره .
ضربت المثال في (حمزة ادريس)؛ لأني ومن -وجهة نظري- لم أجد في الكرة السعودية فينا مَن يقدم الحديث المنطقي المبني على واقع حدث أو سيحدث غيّر (حمزة إدريس)، ولا أفهم لماذا لا يكون (حمزة إدريس)، وهو بهذا الفكر الراقي والمفيد ضمن لجان اتحاد الكرة، وأكاد أجزم يقيناً لو أن المسؤولين عن تطوير الرياضة السعودية تابعوا بعض أصحاب تلك العقول المستنيرة، والآراء المفيدة، والخبرة الطويلة في مجال الكرة، وتمّ استقطابهم لربما أصبح حال كرتنا مختلفاً، في السابق كنّا نملك الرجل القوي الذي بمقدوره السير برياضتنا حيث نصبوا، أما اليوم اختلف الأمر وأصبحنا في حاجةٍ للعقول المفكرة التي تشعر بقيمتها عندما تتحدث، وليس لها هدفٌ أو غايةٌ سوى المصلحة العامة.
فبعض المباريات في دوري عبد اللطيف جميل هذا الموسم تحديدا كشفت القناع عن بعض روّاد التعصب الذي لا يعني لهم في الرياضة سوى كمية الآراء التي تثير الجدل غير المثمر ولا يفيد، وهم في رأيي أحد أسباب تدهور الكرة السعودية؛ لهذا فمن المنطق أن يتم حصرهم والتنسيق مع كل الجهات الإعلامية التي تسعى لاستضافتهم في أي منبرٍ، والتحاور معهم وتوضيح خطورة الأمر، الذي استفحل في الوسط الرياضي، وكان آخره خروج لاعبٍ دوليٍّ له اسمه في الكرة السعودية يشجع فريقاً غير فريقه نكايةً بالفريق الذي ينافس على بطولة الدوري…!!
ودمتم بخير،،،
سلطان الزايدي
@zaidi161