منذ فترة قررت هجر البرامج الرياضية كنتيجة طبيعية للمستوى المتدني لما يطرح بها من مذيعين وضيوف ومعلومة ونقد وأطروحات ولازلت متمسكا ببرنامج واحد فقط أحرص قدر الإمكان ألّا يفوتني لأنه يقدم عملا مهنيا احترافيا حقيقيا.
البرامج الرياضية اليومية أصبحت مجرد تكرار ممل للأسماء وللضيوف بل وللموضوعات لكون المعدين في الغالب يعملون في أكثر من برنامج وفي قنوات مختلفة! ويعرفون ما سيتم طرحه فتجد ما يطرح هناك يعاد طرحه هنا في عمل ارتجالي فوضوي يؤكد أن هذه البرامج تعاني كثيرا من ضعف مهني نتيجة طبيعية لعدم اختصاص العاملين في هذا القطاع وأن أغلبهم غير محترفين لهذه المهنة وإنما متعاونون وعاشقون للظهور الإعلامي.
أنا هنا أتحدث عن البرامج التي تتابع الرياضة السعودية ومصنفة بأنها برامج سعودية ويقدمها سعوديون وضيوفها أغلبهم سعوديون وتناقش قضايا رياضية سعودية، أما القنوات الرياضية الخليجية المتخصصة فهي تقدم عملا مهنيا راقيا ومحترفا كما نتابع في البطولات القارية هذه الأيام أو في القنوات الأخرى وعبر برامجها المتنوعة.
الظهور الإعلامي في البرامج الرياضية كضيف يحتاج أشخاصا لديهم حد أدنى من الخبرة والتأهيل وليست لكل من هب ودب، والذي يعتقد أن التجديد في الضيوف شيء إيجابي بحجة أن المشاهد مل من تكرار نفس الوجوه يوميا فإنه لا شك مخطئ لأن الطرح الإعلامي خطير جدا ويحتاج للكثير من المتطلبات أقلها المستوى التعليمي والممارسة والخبرة سواء كصحفي ميداني أو ككاتب وناقد.
شخصيا لا أعلم من قرر أن كل برنامج يجب أن يكون بحضور ضيفين ويجب عليهم المناقشة في كل موضوع يطرح وأن يبدوا آراءهم حتى لو كانت “سطحية” في كل القضايا، وأنا على يقين أن المذيع لوحده يناقش بعض القضايا أفضل بمراحل من ضيوف ليس لديهم التجربة والمعرفة ولكنهم يضطرون لصفصفة بعض المفردات لكي يوهم نفسه أولا ثم المشاهدين بأنه يقول كلاما “متعوبا عليه”.
لا أعلم إن كانت وزارة الإعلام مهتمة بمثل هذا الأمر وهل فكرت في وضع ضوابط للبرامج الرياضية وألزمت فيها القنوات الفضائية العاملة على الأقل إلزاما “أدبيا” كي لا يستمر هذا السوء وهذا الانفلات وهذا التدني، فهل يعقل أن شابا لم يتجاوز الخامسة والعشرين ينتقد بالطول والعرض في كل شيء ويتحدث بدون هوادة في كل الألعاب والرياضات والاحتراف والتسويق والاستثمار والانتقالات الشتوية والصيفية واللوائح ونادر جدا ما يقول ضيف لا أعلم!.
بل إن بعض الضيوف الشباب والذين لم يتجاوزوا خمس سنوات في المجال الإعلامي أصبحوا ينظرون ويقدمون أطروحات وحلول لقضايا لا يعرفون عنها أكثر من اسمها، وهنا تكمن المشكلة التي تحتاج إلى إعادة نظر من قبل وزارة الثقافة والإعلام، وأتمنى ألا يظهر علينا من يقول “تكميم أفواه” وما شابه ذلك لأننا نحتاج إلى تعديل المسار والاستفادة من الأجواء المفتوحة في الفضاء الرياضي لتقديم برامج ثقيلة تطور وتثقف وتعالج وتساعد في حل الصعوبات والإشكاليات الرياضية.
لابد لكل قناة من أهداف محددة ولكل برنامج أهداف محددة تنبثق من أهداف القناة، ولكل حلقة أهداف تحقق الاستراتيجية العامة للقناة والبرنامج، أما أن تكون الأمور بهذا التخبط والمهم لديهم وجود ضيفين واحد من الرياض والثاني من جدة أو الدمام أو القصيم أو أبها أو حتى من دولة خليجية، ويكون حديث المذيع أكثر من الضيوف فانتظروا سقوط ونهاية هذه البرامج مهما طال الزمن والبقاء للأصلح شئنا أم أبينا.
علي حمدان | البرامج الرياضية.. إلى أين؟