في وقت مضى وتحديدا مطلع الثمانينيات الميلادية لم يكن لكرتنا السعودية موقع على خارطة القارة الآسيوية، وكان حضورها مقتصرا في ذلك الوقت وما قبله على دورات الخليج التي فشل خلالها منتخبنا في تحقيق لقبها على مدى سبع دورات متتالية، رغم وجود مدربين عمالقة أمثال الإنجليزي اسكنز والمجري بوشكاش والبرازيلي زاجالو الذي تمت إقالته خلال الدورة السابعة في سلطنة عُمان وتم إسناد المهمة للمدرب الوطني خليل الزياني.
الزياني الذي مُنح الثقة وأُتيحت له الفرصة لم يخيب الظن ولم يخذل المسئولين، بل ترك بصمة سيخلدها التاريخ في صفحاته الخالدة، بعد أن سخّر إمكاناته وطاقاته التدريبية لخدمة منتخب بلاده، وزفه في ظهوره القاري الأول نحو منصات الذهب، ناثرا شلال الفرح في جميع مناطق المملكة من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، راسما البهجة والفرحة على محيا الصغير قبل الكبير.
الزياني الذي ارتبط اسمه بأول انجاز حققته الكرة السعودية في تاريخها، ألا يستحق لمسة وفاء من الرياضيين كافة، ومن أهالي المنطقة الشرقية التي ولد وترعرع ونشأ فيها خاصة؟ ألا يستحق أن يتم إطلاق اسمه على إحدى المنشآت الرياضية أو على أحد شوارع مدن الدمام أو الظهران أو الخبر؟ ألا يستحق أن يقام له حفل يُكرم من خلاله بالشكل اللائق الذي يتوازى مع ما قدمه لكرة القدم السعودية؟
الزياني الذي عرّف العالم بأسره بالكرة السعودية سواء من خلال تتويج الأخضر بكأس آسيا، أو من خلال تواجده في نهائيات أولمبياد لوس أنجلوس، هل يستحق كل هذا الجفاء من الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم الذي حزم بعض أعضاؤه حقائبهم وبدأوا يتوافدون تباعا إلى أستراليا هناك خلف المنتخب الذي تتزامن مشاركته الآسيوية مع العارض الصحي الذي يعاني منه عميد المدربين؟
ها هو الزياني، الابن البار الذي ضحى بجل حياته في خدمة رياضة بلده، سواء من خلال المنتخب عندما كان لاعبا أو مدربا أو من خلال الأندية التي أشرف عليها، يرقد على السرير الأبيض بأحد مستشفيات الظهران ولم يجد من يسأل عليه أو يطمئن على صحته، خصوصا من المسئولين في الرئاسة العامة واتحاد القدم والأندية، وبخِل كل منهم على نفسه بزيارته أو حتى إجراء مكالمة هاتفية.
الزياني صاحب القلب الطيب والابتسامة التي لا تفارق محياه لا يستحق كل هذا الجحود والنكران، ولكن هل نشهد خلال الأيام المقبلة ما يحفظ ماء الوجه ويُشعره أنه ما زال حاضرا في قلوب كل الرياضيين «المسئولين قبل غيرهم»؟ أتمنى ذلك.
خيرا..
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيك، ويمد في عمرك يا أبا إبراهيم، وأن يُلبسك ثوب الصحة والعافية، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
مقالة للكاتب علي السلمي عن جريدة اليوم