أدرك جيدا أننا نعيش في زمن انقلبت فيه المفاهيم وتبدلت القناعات على كافة الأصعدة والقضايا؛ حتى بتنا نردد ليل نهار “يارب سلم سلم” ولكن مع ذلك كله أدرك أكثر أنها “لو خليت خربت” وما بين الحالتين يتعارك الفأل والشؤم في مسرح الحياة دون أن نصل إلى نتيجة حتمية تنهي هذا السجال البيزنطي.
التفاؤل والتشاؤم خطان متوازيان لا يمكن لهما أن يلتقيا إطلاقاً ولكن العاقل الحصيف يعي جيدا أن بين الخطين لغة وسطية محببة اسمها “العقلانية” وهي لغة العقل والمنطق بعيدا عن الرتوش والمحسنات والتي سيعريها الواقع.
ولكي لا نذهب بعيدا عن صلب الموضوع فإن العقلانية التي أرمي إليها لم تكن متواجدة على الإطلاق في لغة التيارات المتناحرة حول الأخضر السعودي في استحقاقه القاري المرتقب، حيث انقسمت الصفوف ما بين الإفراط في التفاؤل بأن منتخبنا سيذهب بعيدا في البطولة وربما يحقق لقبا عصيا طال انتظاره وبين متشائم “لا يرى أبعد من أرنبة أنفه” تناسى طوعا أو كرها قيمة الأخضر وقامته في مثل هذه المحافل والتي كان يتسيدها حتى وقت قريب.
العقلانية التي غابت عن الرؤى والأطروحات خلال الفترة الماضية فيما يخص الأخضر ينبغي أن تحضر ولو لمرة واحدة فمن غير المعقول أن نكيل بمكيالين من أجل جبر خاطر أو استمالة طرف على حساب آخر، بل من غير الممكن أن نصبح حجر عثرة في دربه، حتى وإن بدى لنا بصورة غير التي كنا نعرفه بها.
بين الأمس واليوم لم يتغير الأخضر كثيرا بل ربما يتواجد في صفوفه حاليا من يضاهي أبرز النجوم في حقبة الذهب التي لا تنسى، فقط اختلفت نظرتنا وتبدلت قناعتنا،ففي الوقت الذي كنا جميعا بلا استثناء نقف صفا واحد وطودا شامخا من أجله، كان يبادلنا الود ويجازينا من جنس العمل “ذهبا خالصا”.
دعونا نجرب ولو لمرة واحدة أن نكون يدا واحدة من أجل منتخب الوطن، فلا الهلال ولا الاهلي ولا النصر ولا الاتحاد ولا أي ناد مهما كان أهم من الأخضر، دعونا نتحد كما هم الآخرون في دعمهم ومؤازرتهم لمنتخبات بلدانهم، فصورتنا أضحت مهزوزة، وحالنا بات مخجلاً، وواقعنا مضحك ومبكٍ معاً ،أرجوكم من أجل الوطن وللوطن دعونا نختلف في كل شيء ونتفق على حب منتخبنا وتغليب مصلحته وجعلها فوق كل اعتبار.
قبل الطباعة
“كلن على نيته يلفى توافيقه”
وعلى دروب الخير ألتقيكم بحول الله في الأسبوع القادم ولكم تحياتي.