محمد الشيخ يطالب بتصفير مشاكل المنتخب

لا يختلف اثنان في الساحة الرياضية اليوم على سوء الأحوال في منظومة كرة القدم السعودية التي تبدأ من رأس الهرم حيث اتحاد الكرة، لتتمدد لكافة الجوانب فيها طولاً وعرضاً بدءاً من المنتخب الوطني ومروراً باللجان إلى آخر التفاصيل الأخرى.

الحلول الجذرية لمعالجة كل ذلك السوء لم تعد ممكنة اليوم، حيث لا مناص من غربلة تهدم كل بنيان اتحاد الكرة المنتخب الذي تأسس على قاعدة هشة اسمها النظام الأساسي أو ما أسميته “نظام قاروب” الذي بنى لنا اتحاداً أساساته ضعيفة، وجسوره متقطعة، وواجهته مشوهة، فكان طبيعياً أن يؤول مبنى اتحاد الكرة إلى ما نشاهده اليوم من حالة متردية في الشكل والمضمون.

ما يهمنا اليوم في الظرف الراهن هو المنتخب الوطني الذي بات على بعد خطوات قليلة من المشاركة في بطولة كأس آسيا، وهي المشاركة التي تأتي في ظروف صعبة للغاية، إدارياً وفنياً، فيكفي أن يصل الحال به بأن يستقيل مشرفه العام قبل أسابيع قليلة من أقوى منافساته على الاطلاق، في وقت يدخل في هذا الحدث القاري الكبير بمدرب مستعار للتو تسلم المهمة بكل ما فيها من خطورة.

هذا الواقع ليس مسؤولاً عنه أحد سوى أحمد عيد كرئيس اتحاد والأعضاء العاملين معه؛ ذلك صحيح، ولا يعارضه أو يبرره إلا ساذج أو متمصلح؛ لكن ليس من الحصافة في شيء أن نعيد تدوير الاسطوانة التي مللناها لنعيد سماع معزوفة الأخطاء التي وقع فيها الاتحاد وتأذى منها المنتخب، فقد حفظناها عن ظهر قلب، لذلك لابد لنا من إدارة الظهر لكل تلك الأخطاء لأجل منتخب الوطن الذي هو أهم من الاتحاد والأندية والعاملين فيها.

لا ينبغي أن يكون تعاطينا مع المنتخب اليوم أشبه بذلك البيت الذي نشب حريق في أحد أركانه فراح أصحابه يتلاومون حول المتسبب لينشغلوا عن إطفاء الحريق حتى أتى على البيت كله، لذلك ينبغي علينا جميعاً العمل على إطفاء كل الحرائق المشتعلة هنا أو هناك لأجل المنتخب ولا شيء غيره.

أزمات “الأخضر” المتتالية كشفت بما لا شك فيه أن ثمة من ينظر لناديه بأهمية تفوق أهمية المنتخب، وإن حاولوا تبرير ذلك، بالتستر حول شعارات الوطنية، فغياب لاعب عن التشكيلة من هذا النادي أو ذاك تجعلهم يقيمون الدنيا ولا يقعدوها ليس لأن المنتخب سيتضرر من عدم انضمامه، ولكن لأن ذلك في منظورهم تعدي على حقوق ناديهم، وتجاوز لقيمته، وإعطاء مساحة تفضيل للنادي المنافس الذي قد يفوقهم في عدد اللاعبين المنضمين من صفوفه.

تداعيات طلب المدرب الروماني كوزمين لتأجيل آخر جولة من كأس ولي العهد، فضحت المختبئين تحت شعارات المنتخب الزائفة، فحين تقدم بالطلب قالوا إنه لمصلحة الهلال هروباً من مواجهة الاتحاد، وحين رفض الطلب وفاز الهلال في المباراة قالوا إنما رفض التأجيل لمصلحة الهلال؛ الأمر نفسه لم يسلم منه لاعب النصر إبراهيم غالب فالجبيرة التي كانت على يده كانت محل تشكيك قبل انضمامه للمنتخب، ومحل تشكيك أيضاً حتى بعد انضمامه، وهو ما يكشف عن سوء تعاطي مع قيمة المنتخب وانحدار كبير في التعاطي مع المسؤولية الإعلامية.

هذا التعاطي مؤسف ومؤلم، فهو مؤسف لكونه يكشف عن تردي الحالة النقدية بما تمثل من قيم وعي وثقافة، ومؤلم كون تصفية الحسابات بين المختلفين على الأندية تتم في ساحة المنتخب الوطني؛ وهو ما يجعلنا في حالة تدوير للمشاكل والخلافات التي يفترض أن يتم تصفيرها في كل مرة يحضر فيها المنتخب في مشهد المنافسة الدولية.

6