جدل جديد تدور فصوله حول المنتخب السعودي ومدربه بالتحديد، بعد الإصرار على استمرار لوبيز في دورة كأس الخليج، فها هو اتحاد القدم يتنازل عن قناعاته ويلغي عقد المدرب، إذ كانت عوامل خسارة اللقب وضغط الإعلام والجماهير والرئيس العام لرعاية الشباب هي من دفعت بالقرار.
أقول إن السيناريو الذي حدث ليس بالجديد، بل أستطيع أن أقول إنه فريد وليس بالجديد، ويأتي التفرد حينما تم التعاقد مع لوبيز ومعاونيه في الفئات السنية عام 2011 كمستشار فني ورئيس للجنة الهيكلة الفنية في المنتخبات السعودية، وعلى رغم أن عقده كان ينص على تدريب أي من المنتخبات متى دعت الحاجة، إلا أن اتحاد القدم نسف الخطط كافة السابقة للمنتخبات السنية، وكلف لوبيز بتدريب المنتخب الأول وبزيادة كبيرة في راتبه تجاوزت الثلاثة ملايين يورو، وهنا وجهوا ثلاث ضربات نحو خاصرة المنتخبات السعودية، الأولى نسف الخطط والترتيبات والهيكلة الموضوعة للمنتخبات السنية منذ فترة إشراف محمد المسحل، والثانية تحميل خزانة اتحاد الكرة أعباء إضافية هو في غنى عنها، والثالثة إسناد تدريب المنتخب الأول إلى شخص غير مؤهل لهذه المهمة، فإذا كان لوبيز مستشاراً جيداً في أمور الإعداد والهيكلة، فذلك لا يعني تفوقه في تدريب منتخب له طموحات قارية، وأستطيع أن أشبه عملية تكليف اتحاد الكرة للوبيز كالمدير الطبي الذي سحب الصيدلي الناجح من صيدليته، وطلب منه أن يجري جراحات، فكانت النتيجة خلو الصيدلية من الصيدلي الكفؤ وفشل الجراح الجديد وتدهور حال المريض!
فيما سبق كنت أحاول إيضاح التفرد والتفرد، هنا أقصد به اتخاذ قرار فريد من نوعه وليس اتخاذ قرار فردي، ويبدو أن مسألة اتخاذ القرارات الفريدة لا تزال متواصلة، إذ تمت الإستعانة بمدرب ناد خليجي لمدة شهر، وهذا يعني أن الخطط الوقتية لا تزال مستمرة، وأن الاتحاد الذي مضى على انتخابه عامان ما زال بلا رؤية ولا أهداف أو خطط واضحة، بل إن الرئيس ونائبه بدآ يقبلان بالأمر الواقع ورضخا للتدخلات الخارجية من «رعاية الشباب»، ولا أعلم ما سبب الرضوخ هل هو ضعف؟ أم أن الصفقة الجديدة تتمثل في المنتخب مقابل السلام؟
المنتخب السعودي يحتاج قبل كل شبء من وجهة نظري الشخصية إلى خلق روح الفريق الواحد بين اللاعبين كافة، ينبغي أن يشعر الكل بأن هذا منتخب الوطن وأنهم سواسية، لا فرق بين لاعب ناد وآخر، وعلى رغم أنني أثق تماماً بأن كوزمين سيسعى في المقام الأول إلى أن يحقق مجداً شخصياً لنفسه لذا سيعتمد على الأفضل، لكن وضعه وهو الذي وصف نفسه بعضو الشرف الهلالي سيضعه في إحراجات مستقبلية، وربما لا يكون الخيار الأنسب لتشكيل فريق الروح الواحد. أتمنى أن أكون مخطئاً وأن تثبت الأحداث أنني مفرط في التشاؤم، لكنني في الحقيقة لا أهتم كثيراً بالنتائج التي سنحققها في كأس آسيا، بقدر ما أفكر في مستقبل الكرة السعودية وماذا أعددنا لذلك، فتهمني رؤية واضحة من اتحاد الكرة تدعمها «رعاية الشباب»، ويهمني وبالعودة إلى مثال الصيدلي، ألا يتدخل مدير المستشفى أو المدير الطبي في عمل الطبيب أو عمل الصيدلي، فتحدث كوارث طبية، فأنا مؤمن بأن مدير المستشفى جيد في التخطيط والتنظيم، فليته يبتعد عن مشرط الجراح، لأن جسد المريض لا يحتمل، ينبغى ألا يتدخل حتى وإن طالبه بذلك ملاك المستشفى!
مقالة للكاتب مسلي ال معمر عن جريدة الحياة