تراءت لي استقالة الدكتور عبدالرزاق أبو داود من منصبه مديرا عاما للمنتخبات السعودية على طريقة المعلق رؤوف خليف في وصفه الهدف الشهير لمهاجم ريال مدريد غاريث بيل الذي أحرزه في مرمى برشلونة في نهائي كأس ملك اسبانيا حين صرخ: “غاريث بيل هرب.. غاريث بيل هرب.. شد شد”.
الفرق بين هروب بيل وهروب أبوداود أن الأول كان هروبه نحو الهدف، بينما هرب الثاني باتجاه أقرب مخرج للطوارئ، ولم يكتفِ بذلك بل رمى خلفه مجموعة من القنابل بغية إحداث فوضى في الساحة، وهو ما كان؛ حيث نجح عبر بيانه المملوء بالاتهامات بإثارة اللغط في الشارع الرياضي، لتتحول استقالته إلى قضية رأي عام.
اتهامات أبو داوود حملت كل صنوف الخطورة؛ أكان من الناحية الرياضية أو الاجتماعية، فهو يتحدث عن أجواء غير صحية، وتدخل بطرق ملتوية، ومحدودية في الصلاحيات الإدارية والمالية والفنية والإجرائية، والأعظم من ذلك فهو يتحدث عن حملة شرسة ضده تقودها بعض الجهات وينفذها أشخاص بدوافع “فئوية”، وتعصبية، وشخصية.
تلك الاتهامات من الخطورة بحيث لا يقبل تمريرها أو حتى السكوت عليها، خصوصاً وأن أبو داوود لم يتحدث عن أي شيء من هذا القبيل في اجتماع اتحاد الكرة الأخير الذي انتهى إلى إعفاء المدرب لوبيز، بل إن زميله عضو الاتحاد الدكتور عبداللطيف بخاري أشار إلى أن الدكتور أبو داوود أبدى رغبته في الاستمرار مشرفاً بعدما طرح أحد الأعضاء فكرة التغيير في الأجهزة الفنية والإدارية، كما أنه لم يتعلل بشيء من تلك العلل التي ساقها في بيانه، وهو ما يقذف بالكثير من علامات الاستفهام حول أهدافه ليس من الاستقالة فذاك شأنه، وإنما من البيان الملغوم.
هنا يأتي دور مجلس إدارة الاتحاد برئاسة أحمد عيد بحتمية التحقيق معه؛ كونه لازال على عضويته في اتحاد الكرة، كما بات واجباً على الجمعية العمومية أن تمارس صلاحياتها بصفتها التشريعية والرقابية بالدعوة إلى مساءلة أبو داوود؛ لاسيما وأن قنابله قد تشضت حتى ملأت كل أرجاء الساحة الرياضية؛ خصوصاً فيما يتعلق بالتدخلات التي تحدث عنها، حيث طرحت أسماء ونسجت قصصاً على خلفية ذلك البيان اللامسؤول.
ثمة مقربون على مسافة قريبة جداً من أبو داوود يسربون معلومة بأن الرجل إنما قدم استقالته كاحتجاج صارخ على قرار الأمير عبدالله بن مساعد بتشكيل لجنة للعمل على صياغة نظام أساسي جديد لاتحاد الكرة، وهو ما اعتبره تدخلاً مرفوضاً من اللجنة الأولمبية، وهي حجة تبدو جوفاء باعتبار أن الرجل لا زال باقياً على عضويته في اتحاد الكرة، وهي الأولى بالتخلي عنها كونها تتصل مباشرة بقرار الأمير الذي ينزع الثقة عن اتحاد الكرة والجمعية العمومية معاً، بدلاً من التخلي عن منصب فرعي لا ربط فيه بموضوع النظام الأساسي.
في ظني أن أبو داوود الذي فشل في قيادة المنتخب خلال فترة عمله التي سبقت “خليجي 22” والتي أنتجت حضوراً سيئاً على كافة الصعد في البطولة الخليجية، لاسيما بالنسبة لحضوره الإعلامي؛ وخصوصاً من جهة إصراره على أن لوبيز مستمر.. مستمر.. مستمر.. كما ظل يصرح في كل الوسائل الإعلامية قد أسقط في يده حينما وجد أن رهانه خسر داخل اتحاد الكرة وأمام الوسط الرياضية فاستقال كما استقال قبل ذلك من رئاسة النادي الأهلي!.
مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة الرياض