لا شك أن زمن الفوضى انتهى، بل وانتهى منذ مدة طويلة، ونحن ما زلنا نحاول أن نكسب الجولة باستمرار الحال على ما هو عليه، أو تعديل المسار يمينا ويسارا دون عمل حقيقي منضبط مع أن مثل هذه الممارسات ليست ذات جدوى، والأوضاع اختلفت، واليوم نحن في نهاية عام 2014.
خسارة بطولة بحد ذاتها ليست مشكلة، فالبرازيل انهزمت بسبعة في المونديال الأخير على أرضها، وبطل كأس العالم الأسبق تلقى خسارة مذلة من هولندا، ولذلك فإن عدم تحقيق الفوز أمر طبيعي جدا في كرة القدم لأن البطل دائما واحد، وقد لا تتوفق، أو تحدث أخطاء فردية تقضي على طموحاتك.
المشكلة ليست مدربا أو رئيس اتحاد أو أمينا عاما أو إدارة منتخبات أو جمعية عمومية أو …الخ، هؤلاء قد يكونون جزءا من المشكلة، ولكن المشكلة الحقيقية هي غياب التخطيط الاستراتيجي لكرة القدم السعودية، وعدم وضوح الأهداف، والعمل دائما على مبدأ ردة الفعل الإعلامية والجماهيرية دون قناعة حقيقية لعدم وجود رؤية متكاملة مدروسة حقيقية.
أرجو أن يسمح لي القارئ الكريم بأن أعيد أهداف خطة الاتحاد الياباني التي ذكرتها عدة مرات في مقالات سابقة، وهي الخطة التي اعتمدت عام 2005 ولمدة خمسين عاما مقسومة إلى قصيرة حتى عام 2015 وطويلة حتى عام 2045.
أهداف الخطة القصيرة هي أن يكون الاتحاد الياباني ضمن أفضل عشرة اتحادات في العالم، وأن يرفع عدد ممارسي اللعبة إلى خمسة ملايين، وأن يكون المنتخب الياباني ضمن أفضل عشرة منتخبات في التصنيف الشهري للفيفا، أما أهداف الخطة الطويلة فهي استضافة كأس العالم للمرة الثانية، والفوز بكأس العالم للمرة الأولى، وزيادة عدد ممارسي اللعبة إلى عشرة ملايين في الدولة.
هذه أهداف واضحة جدا ومكتوبة ومحددة وتحتاج إلى ورش عمل وندوات ومحاضرات وتسويق ودعم حكومي بلا حدود كي تتحقق على أرض الواقع، خصوصا وأن المتابع للكرة اليابانية يعرف أنهم يخططون وينفذون حتى لو تأخر الأمر بعض الوقت.
في السعودية الوضع مختلف، فبعد الهزيمة من قطر وضياع فرصة تحقيق لقب خليجي جديد انتظرنا صدور خطة استراتيجية عميقة مدروسة واقعية، ولكن للأسف الذي صدر هو تشكيل لجنة لحل الخلاف بين الجمعية العمومية والاتحاد!
أمر مضحك ومخجل أن يتدخل أحد بين جزئيتين داخل منظومة كرة القدم السعودية من المفترض أن تكونا مكملتين لبعضهما وداعمتين لوضعهما، ولكن لأن الأمور لم تكن صحيحة من البداية، وأنا شخصيا حذرت من هذا الوضع، حدث ما حدث، ووصلنا إلى ما نحن فيه الآن، وشكلت لجنة لفض النزاع.
كنا ننتظر أن تكون خطواتنا أكثر نضجا وعمقا وقريبة من خطوات الاتحاد الياباني، ولكن للأسف ما زلنا نبحث عن هويتنا من خلال تعديل نظام أساسي أمضينا به سنة ونصف السنة، وكأننا لن نعدل فيه مرة أخرى، وكأن هناك من لا يعرف أن النظام الأساسي للفيفا يعدل سنويا من خلال مقترحات الأعضاء في الجمعية العمومية، وتصدر النسخة المحدثة في أغسطس من كل عام.
مقالة للكاتب علي حمدان عن جريدة الوطن