مع انطلاق دورة “خليجي 22” وفي يومها الأول فرض حدثان مهمان نفسيهما على أجواء البطولة، الأول غياب الجماهير عن الافتتاح ومباراة منتخبنا ونظيره القطري، والثاني التعادل في المباراة وما خلّفها من مطالبة بعض الإعلاميين والجماهير من حتمية إعفاء المدرب الإسباني لوبيز كارو على خلفية الأخطاء التي ارتكبها على مستوى التشكيلة والتغييرات والتوظيف والقراءة.
المطالبة بإقالة لوبيز كانت مطالبة سعودية بطبيعة الحال، أمام غياب الجماهير عن الافتتاح فكان حديث جميع المتابعين والنقاد سعوديين وغير سعوديين إلى درجة أن أكثر من صحيفة خليجية خرجت بتقارير ومقالات تتحدث عن هذا الأمر وتصب الحدث في قناة أن الجماهير السعودية هي جماهير أندية وليست جماهير منتخب.
هذان الحدثان طرحا سؤالاً في أجواء البطولة وهو هل هذا النقد الموجه لمدرب المنتخب إلى حد المطالبة بإقالته مع أول تعادل في الدورة، وغياب الجماهير مفاده أن السعوديين يكرهون منتخب بلادهم، وهم بالتالي يسعون لزعزعة استقراره والتأثير على نتائجه في وقت لا يفعلون ذلك مع أنديتهم التي يتحلقون حولها ويذبون عنها حتى وهي تعيش أسوأ أحوالها.
الجواب ببداهة هو أن السؤال نفسه فيه من الغباء ما لا يمكن التساهل معه خصوصاً وأنه يتجاوز وقائع مهمة لا يمكن أن تخفى على أحد وهو أن الإعلام السعودي ومعه الجمهور كانا شريكان رئيسان في صناعة الانجازات السعودية، والتاريخ يشهد على ذلك، والمنجزات الكبرى للكرة السعودية توثق هذه الحقيقة، بل حتى الاخفاقات التي عاشها المنتخب في السنوات الأخيرة كان الإعلام والجمهور يؤديان دورهما بامتياز، بيد أن الخلل الحقيقي لم يكن فيهما بقدر ما كان خللاً إدارياً وفنياً صرفاً.
قد نختلف مع طرح إعلامي هنا أو هناك، ونتأسى لموقف جماهيري في هذه المباراة أو تلك، ولكن لا يمكن القفز على حقائق إعلامية وشواهد جماهيرية لا تحجبها آراء شاطحة، ومواقف معروفة أهدافها، كما يحاول البعض اليوم بجرة قلم وفلتة لسان أن يكرس لاتهامات باطلة لا مكان لها على أرض الواقع.
الإعلام الرياضي السعودي ولست هنا بصدد الدفاع عنه لكنها حقيقة يجب أن تقال هو أكثر الإعلام الخليجي ممارسة لدوره النقدي كرقيب وليس كتابع لهذه المؤسسة أو تلك الشخصية، ونقدهم اليوم للوبيز حد المطالبة بإعفائه، ولاتحاد الكرة إلى مستوى المطالبة برحيله لم يكن وليد التعادل مع قطر ولكنه كان موقفاً مسبقاً، والتواصل في ذلك حتى مع دخول الدورة هي وجهة نظر مع عدم تغييب وجهة النظر التي تذهب إلى إيقاف الضغط كحق مشروع في تباين وجهات النظر.
أما الجمهور السعودي فقد كان ولا يزال هو الرقم الأصعب في مسيرة المنتخب وإن كان قد قاب عن الافتتاح فلأسباب معروفة وواضحة ولا يمكن التنكر لها، ويمكن تحديدها في حالة الإحباط التي يعيشها مع المنتخب في السنوات الأخيرة، ولغياب دور اتحاد الكرة واللجنة المنظمة في الترويج للبطولة من جهة وتغييبه لأهمية عنصر التحفيز والتشويق من جهة أخرى، وليس كما ذهب البعض بأنه جمهور أندية وليس جمهور منتخب والمدرجات تشهد له بأنها كانت تغص به في أغلب المباريات والبطولات ليس في الرياض وحدها بل في كل المناطق، بل كان خلف إنجازات “الأخضر” في كل الدول خليجية وغير خليجية حتى كان مضرباً للمثل، وهو ما يعري ذلك الطرح الساذج.