عثمان ابو بكر مالي | الوجبة الدسمة بأمر الفُرجة!

عثمان ماليينطلق غداً العرس الخليجي الرياضي الأول والأكبر في المنطقة (بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم في نسختها الثانية والعشرين)، التي تستضيفها الرياض للمرة الرابعة في تاريخ البطولة العريقة، التي بلغت من العمر عتياً، بعد أن تجاوزت عقدها الرابع بسنوات. بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم تُعَدُّ واحدة من أكثر البطولات الإقليمية شهرة وانتشاراً واهتماماً واستقراراً وإثارة واستمرارية، وهي في الوقت نفسه بطولة الوقائع المتغيرة، وبطولة الغرائب والعجائب، وبطولة الأحداث والقرارات المتناقضة، والأهم من كل ذلك أنها البطولة الجماهيرية والإعلامية الأولى في المنطقة.

من متناقضات البطولة أن مستضيفيها يعلنون عادة أن ليس من أهدافهم تحقيق لقبها بقدر ما يهمهم التجمع الأخوي ونجاح التنظيم، مع أن ذلك التنظيم لم يعد (عملاً صعباً) ولا جديداً بعد أن مرت البطولة مرات على دول المنطقة جميعها، واستضافت معظمها إن لم يكن جميعها بطولات ومناسبات رياضية أكبر وأهم، وأصبح مع هذا مقولة نجاح التنظيم مجرد شعار مرفوع قبل البطولة، قد يتحول إلى (شماعة) بعد انتهائها عند خسارة اللقب.

ومن متناقضات البطولة أن بعض الأقوياء من الفرق يدخلونها و(طموحهم) أكبر من تحقيق البطولة، ويصدحون بذلك علناً، والشاهد (حي علي الفلاح) في هذه البطولة، فثلثا فرقها يعتبرونها (إعداداً) للمشاركة الآسيوية القادمة، وهي النظرة والطموح، أما خليجي 22 فهي مجرد (قنطرة) لبلوغ الهدف الأكبر والأهم في (سيدني)، ومع ذلك عندما يحرز فريق منها اللقب يظهر وكأنما حقق كل آماله وأهدافه، ويسبغ على برامجه صفات التطور والأفضلية والنجاح المطرد، لدرجة أنه قد لا يؤثر على برامجه التالية ما يطورها ويتقدم بها وإن خسر ما بعد البطولة من مشاركات ومسابقات إلى النسخة التالية من البطولة، فيُطبق عليها ما طُبق في النسخة السابقة، وهكذا دواليك!!

وعندما تخسر المنتخبات القوية والكبيرة لقب البطولة، وقد كانت قبل انطلاقتها أقل من طموحاتها ومجرد مشوار في الطريق إلى المهم الأهم والأصعب، تُسقط عليها الخسارة الويل والثبور وعظائم الأمور، وتنزل على بعضها القرارات الحاسمة كالصاعقة، فتقلب كيانها وبرامجها وخطواتها رأساً على عقب، فتطيح رؤوس، ويُطرد لاعبون، وتُلغى عقود الجهاز الفني، ويطير الجهاز الإداري، وقد يطير الاتحاد المحلي نفسه بالكامل، وفي مقدمته الرئيس. على الأقل ذلك حدث من قبل، ولعل ذلك ما انعكس سلباً على بعض الاتحادات عند استضافتها للبطولة؛ إذ تحاول (التقليل) من وضعيتها والاهتمام الإعلامي والجماهيري بها، وتطور الأمر إلى (تجاهل) بعض الاتحادات موضوع التصدي لتنظيمها ومحاولة البقاء بعيداً عن الإسهام، سواء برغبتها أو رغماً عنها.

ويبقى الأهم أن بطولة الخليج العربي لكرة القدم التي وُلدت بقرار رياضي، وتطورت وتوسعت باختيار سياسي، ستواصل خلال السنوات القادمة مسيرتها بدعم إعلامي واضح وكبير، يبقيها (مادة) دسمة على مائدة العرس الكبير باختيار أبناء وجماهير الرياضة في المنطقة، وهي جماهير فرجة من الدرجة الأولى.

كلام مشفر

* المنافسة بين المنتخبات على المستطيل الأخضر لن يقل عنها وربما سيفوقها المنافسة الخارجية في الفضاء بين القنوات الفضائية الناقلة للبطولة، التي حشدت قواها وأفكارها وخبراءها من أجل نقل البطولة.

* ويبقى الأهم لدى المشاهد والمتابع ليس ساعات البث وطولها أو عددها، إنما المواد التي ستقدم، والتنوع فيها، وستكون الأسبقية والاهتمام (للجدة) في المواد التي ستقدمها القنوات، والإضافة التي يخرج بها المشاهد، ومدى نجاحها في الخروج من الطرح التقليدي وبرامج التحليل الانطباعي و(الهواش) الفارغ.

* لن يكون عذراً مقبولاً غياب بعض القنوات الفضائية الرياضية عن ساحة النقل والمنافسة، وأرى أن خسارتها ستكون كبيرة جداً، ليس في دائرة البطولة، وإنما سيمتد ذلك إلى خارجها في السباق المثير.

* والمنافسة في هذه البطولة لن تقتصر على الإعلام بأذرعته المعروفة، وإنما سيكون هناك منافس خطير جداً هو (الإعلام الحديث) بأذرعته المؤثرة (الصحف الإلكترونية المتجددة على مدار الساعة) وتويتر والفيس بوك والواتس أب، التي تنقل كل ما يُثار ويُطرح ويُشاع أولاً بأول قبل الفضاء، وما أدراك ما الفضاء.

* عدم قيام الاتحاد السعودي لكرة القدم بدوره في التنظيم المباشر للبطولة، أو عدم إشراكه فيها، سواء أكان ذلك بموافقته أو رغماً عنه (سيان)، هل يعد أحد طرق الهروب من تبعات البطولة وما ستسفر عنه النتائج؟

* الاستعانة بالأستاذ عادل البطي مديراً تنفيذياً للبطولة، والدكتور رجاء الله السلمي رئيساً للجنة الإعلامية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لاقت ارتياحاً كبيراً للرياضيين والإعلاميين السعوديين.

* قرار اللجنة الفنية للبطولة رفض (فريق المراقبين)، وهو فريق مشكّل من لجنة البطولة، وليس له سابقة، ولم يتم بناء على دراسة أو مشورة أو قرار سابق، يبعث على الارتياح كثيراً، ويظهر استقلالية مبكرة للجنة وتأكيدات أن لا يكون للمجاملات تدخل أو دور في عمل اللجنة المهمة في البطولة.

7