احمد الجوير :الرياضة أخلاق قبل أن تكون ألعاباً
الجويرالرياضة بشكل عام في مملكتنا الغالية، تحظى بدعم (لوجستي) ملموس من لدن قيادتنا الرشيدة، ولعل آخر الغيث (المدن الرياضية الجديدة) التي أسند إنشاؤها لشركة أرامكو العملاقة، على غرار (الجوهرة) بجدة، تبعها هذه الأيام، الترخيص لعدد (سبعة عشر) نادياً متفرقاً في أرجاء البلاد، ولعل حديثنا في هذا المقال، ينحصر في الشأن الرياضي، كي لا يتشعب بنا الموضوع، ولو عدنا إلى الزمن الجميل، لألفينا اللوحات المعلّقة على أبواب الأندية الرياضية، مكتوب عليها هذه الجملة (ناد رياضي – ثقافي – اجتماعي)، وكان الشأنان الثقافي والاجتماعي في تلك الحقبات السالفة، لهما حضورهما من خلال الأنشطة والمناشط المتعددة والمتلونة، ولربما لم يلحظ ذلك شباب هذا الوقت، الذي حصر اهتمامه في الشأن الرياضي فقط، وبالأخص كرة القدم، تبعاً لاهتمامات أنديتهم الرياضية، التي ينتمون إليها، هذا الاهتمام الحصري في (المربع الرياضي عامة) و(بالمستطيل الكروي بشكل خاص) ألقى بظلاله على الوسط الرياضي، ومسيرة الرياضة في البلد، مما جعلها تعود القهقرى، من حيث ضعف المستوى، قابله تزايد في الحماس غير المنضبط، عماده، مسئولو الأندية، يزفهم المشجعون، والشواهد ماثلة، لا تحتاج إلى كبير دليل، ومقولة ( الرياضة أخلاق قبل أن تكون ألعاباً) أظنها لم تأت من فراغ، ولا بد أنها انطلقت، نتيجة فعل باعتبار أن لكل فعل رد فعل، اهتمام الدولة في الرياضة بشكل عام، هو الآخر لم يأت من فراغ، وإنما لتلبية رغباتها وإشباعها بالطرق السليمة، وتنمية الأجسام، تنمية صحيحة، وقد قيل (العقل السليم في الجسم السليم) هذا هو طمع الدولة وهدفها من اهتمامها في فئة الشباب، لكن واقع الحال يسير (خلف خلاف) كما مشي البقر! ودائما مع كل مناسبة رياضية كبيرة، تجد منعطفاً خطيراً، يتكون من (ممثل وكمبارس) يعدون سيناريوهات لمشاهد لا أخلاقية مرفوضة أصلاً في ديننا الحنيف تنافي الأخلاق والسلوكيات الفاضلة،ومع الوقت وفي كل سنة، تنفجر قنبلة أو قنابل بحسبها، في بيئة مشحونة، ينتظرها فريقان، متضادان، يشعلان الوسط الرياضي من خلال الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي بألوان التراشق بالسباب، والاتهام، والتصنيف، وختم باللعان، وقد بلغ السيل الزبى، يوم أن حشر الدين في سفاسف لا قيمة لها، وذلك بجر بعض الدعاة المولّعين بالإعلام، الأوضاع الآنية في أنديتنا الرياضية وحال جمهورها الرياضي، تعصف بهم عصبية عمياء، كيف لا ونحنراهم في سباق محموم، تجاه تمزيق المجتمع وتصنيفه، يحاكيان التصنيف الحركي الفكري، والتمزيق الثوري، فقاعة قبيحة، تنطلق من فيْ أحد جماهير النادي الفلاني، أحياناً تعبر الطريق بسبب أو آخر، لكن عندما تنطلق من رئيس ناد أو نائبه، فهنا الخلل بعينه، خلل في الثقافة، خلل في السلوك، خلل في التربية، خلل في الأخلاق، كلها سموم، وظلمات، بعضها فوق بعض، تسير بسرعة البرق، نحو عقول لتلوثها، ونفوس، لتشحنها بالبغضاء والكراهية، بين قابل لها ومدافع عنها، وبين رافض لها، ولدينا مصادر قياس علنية لا تخطئها العين، موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» يكشف العيوب بمنتهاها، نعم كانت مثل هذه السلبيات موجودة في السابق، وقد شهدنا حالات منها، لكن سرعان ما تختفي، لعدم وجود الوسائل الآنية التي تؤججها وتوسع من دائرتها، ولاتزان عقول ذلك الزمن الجميل، ورجحانها، وأمام ما ذكرته من حالات التعصب الرياضي المشهودة والمفلوتة، نرى صمتاً مطبقاً من رعاية الشباب، الجهة المعنية بذات المشكلات، لم نسمع قط في حياتنا، أن نُحّي رئيس ناد أو نائبه أو عضو مجلس إدارة، إزاء تجاوز له معين، وما أكثر التجاوزات، التي مرت مرور الكرام، دون أدنى عقاب، نعم قد يكون تجاوزاً عن تجاوز، لكن ثمة تجاوزات لا تقبل الجدل ولا التهاون، وتتطلب حزماً لا هوادة فيه، خاصة ما يتعلق بالدين والأخلاق والسلوك والتصنيف والاتهام، فالرياضة، كما في عنوان المقال، أخلاق قبل أن تكون ألعاباً، لا بارك الله في رياضة لا تُعنى بالأخلاق، ولا تراعي جانبها، ولا بارك الله في رياضة، تكرس اللعن، لتطرد عن رحمة الله، رعاية الشباب وأميرها الجديد، وأعلم أنه من الأخيار، الأطهار، المحافظين، لا أظنه يقبل هكذا تجاوزات تنال من الأخلاق، فلابد من الضرب بقلم من القرارات الحازمة الحاسمة، لابد أن يكون (الإعفاء) هو الحاضر، بدلاً من الغرامة والتوقيف، خاصة في شأن مسئولي الأندية دون أدنى رأفة أو مجاملة، قولاً واحداً، إذا لم تتحرك رعاية الشباب، تحركاً سريعاً، تجاه ما يحدث من تجاوزات قبيحة، أبطالها شخصيات في الوسط الرياضي، فاعتبروا المرحلة القادمة، نفقاً مظلماً، للحركة الرياضية في بلادنا، وإن لم يُرد لها ذلك، والحالة تلك، لا نريد تفوقاً، وتميزاً، رياضيا، على حساب أخلاقنا، بل نريد العكس وكفى… ودمتم بخير.

 

7