في المنتخب ليس كما في النصر أو في الأهلي قبل ذلك، يفترض أن يكون النجم حسين عبدالغني حبيب الكُل، وأعني بالكل هنا من يرون منتخب الوطن أسمى في تشجيعه، وأجدى بالانضواء تحت لوائه من الأندية كبيرها وصغيرها. هكذا يفترض، لكن لا تبدو الأمور كذلك للأسف الشديد.
قبل يومين غردت في “تويتر” أقول:” قبول حسين عبدالغني بالعودة للمنتخب يجعله كمن يلعب على حد السيف، فهو إما أن يتوج بطلاً قومياً، أو أن يكون كبش محرقة، ولا شيء بينهما” فثارت ثائرة المحبين له، إذ اعتبروا هذا الرأي إساءة له، لا على أنه قراءة مجردة لواقع جديد يعيشه النجم المخضرم بعد غيابه عن تمثيل المنتخب لسنوات.
الحقيقة المؤسفة التي لا مفرّ منها أن هناك فرزاً واضحاً لمن يمثلون المنتخب الوطني على أساس ألوان أنديتهم، ليس ذلك صنيعة الجماهير المتعصبة فقط، بل يسبقهم إلى ذلك الإعلاميون المحتقنون، والشواهد على ذلك كثيرة وقديمة، ولا زلنا نجتر هذا الواقع منذ سنوات وفي كل مشاركة يدخلها المنتخب حتى وإن كانت ودية.
ذلك الواقع بدا أكثر وضوحاً، وأشد عمقاً بعد نكسة مونديال كوريا واليابان في العام 2002 حينما مُني منتخبنا بالهزيمة القاسية من نظيره الألماني بثمانية أهداف نظيفة، يومها خرج الكارهون للهلال عياناً بياناً محملين سامي الجابر مسؤولية الخسارة الفاضحة، متناسين كل اللاعبين الذين شاركوا في المباراة، وكأنه الوحيد في الملعب. فقط لأنه كان المهاجم الذي كان يدير الكرة عند نقطة البداية بعد كل هدف.
المتطرفون من الهلاليين لم يقفوا مكتوفي الأيدي، إذ لم يتقبلوا التعريض بأسطورتهم فجاء ردهم بالمثل فاستحضروا ناصر الجوهر باعتباره المدرب آنذاك، والأمير تركي بن خالد كونه المشرف العام على المنتخب على اعتبار أنهما نصراويان؛ إذ رأوهما عرابي النكسة، وذلك على طريقة رد الصاع بصاعين.
تلك الحال استمرت حيث لم تكن رهينة الحدث؛ فحتى اليوم تدار كأسطوانة تارة بمناسبة وأخرى بدون، بل تعدى الأمر إلى كل مباراة يخسرها المنتخب حيث يتم تحميل الأندية وزر الخسارة بحسب عدد لاعبيها في المنتخب؛ لاسيما بين أنصار النصر والهلال، حيث لا نرى ذلك يحدث بين من يميلون في تشجيعهم للأندية الأخرى وخصوصاً الأهلي والاتحاد رغم ضراوة المنافسة بينهما.
لعل هذا الواقع هو ما دفعني لاعتبار عبدالغني كمن يلعب على حد السيف، فالمؤسف فعلاً أن التعاطي معه سيتم وفق هذا المنظور، فإن نجح في قيادة المنتخب للفوز بكأس الخليج -على أقل تقدير- فسيتوجه محبوه بطلاً قومياً، وإن خسر معه المنتخب البطولة فسيكون ككبش محرقة عند خصومه وخصوم النصر، وكأنه حينها يلعب لوحده، وفي هذا التعاطي المبخس لا أستثني أحداً من الفريقين.
قد أتفهم تلك الأحكام الجائرة حين تصدر من الجماهير التي تسبح في بحر التعصب؛ أقول أتفهمها ولا أقول أتقبلها، ولكن كيف لي ولغيري من الرافضين لهذه القسمة الضيزى أن نتفهمها حين تصدر من الإعلاميين، حتماً لا يمكن تفهمها فضلاً عن القبول بها، ولكنها –من المؤسف– أنها ستصار إلى واقع وقد حدثت، ولعل رفع الضغط عن الإسباني لوبير من قبل أنصار عبدالغني وأنصار ناديه تشي بهذه الحقيقة؛ خصوصاً وقد كانوا قبل ذلك رافعين لواء رحيله الفوري، وهي الحقيقة التي يدفع فاتورتها منتخب الوطن.. أقول الوطن، فهل تعون فتعقلون!.
عن الرياض