قبل أن أبدأ في تدشين عمودي في صحيفة “الاقتصادية”، وقعت عهدا ووعدا مع نفسي بألا أتحدث عن الرياضة وألا أتطرق لها لا من قريب أو بعيد لأسباب عدة؛ لعل من أهمها إيماني “المتأخر” بأن الرياضة ما زالت وسيلة تسلية والغاية منها هي الاستمتاع والترفيه، وأنها لم تصل بعد إلى درجة الصناعة التي يمكن للمرء أن يطرح رأيه فيها، ولكن الأحداث الجارية حاليا جعلتني أمزق العهد والوعد بالتراضي مع الطرف الآخر ألا وهو “نفسي”.
لا حديث يعلو في الوسط الرياضي على الحديث تجاه المباراة المقبلة على نهائي دوري أبطال آسيا بين الهلال السعودي وسيدني الأسترالي التي ستقام مباراتها الأولى في العاصمة الأسترالية في الـ 25 من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري والرد سيكون في الرياض في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
الصراع الجماهيري حول المباراة لا يجمع السعوديين مع الأستراليين، بل بين بعض السعوديين وبعضهم الآخر، ووصل الأمر بالبعض إلى تجريد من يتمنى فوز سيدني من وطنيته، ومن نزعت منه وطنيته يسعى إلى الدفاع ومحاولة إقناع الطرف الآخر بأن الرياضة ميول لا علاقة لها بالوطنية.
من وجهة نظري أن الأصل في مثل هذه المنافسات هو الاصطفاف خلف فريق سعودي متى ما كان خصمه فريقا أجنبيا، ولكن إن لم تصطف خلفه فلا يعني ذلك أنك غير وطني، ولكنه مؤشر على أنك “محتقن” بدرجة عالية لا ينفع معها علاج أو مسكن. أنت أيها المصطف خلف الفريق الأجنبي ضد شقيقك السعودي لا تعشق “سيدني”، ولكنك محتقن لدرجة الكراهية من الهلال ولا تتمنى فوزه في محفل آسيوي سيسجل المنجز ــ إن تحقق ــ لنادي الهلال أولا ثم لرياضة البلد ثانيا.
والاحتقان خصلة سيئة في المرء، وقد تكون مبررة لدى المشجع البسيط الذي يتعاطى مع حالات احتقان أخرى لجماهيره، ولكنها غير مبررة لدى من يحمل أمانة “القلم” وأعني هنا الإعلاميين.
لا يمكن أن نجرد “محتقنا” من وطنيته، فالوطنية أسمى من منافسات كرة القدم، ولكن السؤال المطروح هنا: هل يمكن أن يحُترم رأي من يمارس الاحتقان، ويحرض عليه وينشره بين الجماهير؟ بالطبع لا أحد يحترم الخصال السيئة.. ومنها الاحتقان.
لا بأس عزيزي الإعلامي “المحتقن” لو مارست احتقانك مع نفسك وفي “الخلوة” وشجعت فريقا أجنبيا ضد سعودي، لا كما تفعل الآن عندما تمارسه جهارا نهارا وأمام الجميع، فالجماهير لا تقبل رأيا من محتقن.. فهل ترضى أن يكون رأيك في سلة المهملات؟
عن الاقتصادية