ريشة كانيدا الناعمة

المسماركانيدا رسامٌ بارع في فن التكتيك كما اتضح أخيراً، فالعمل الذي نشاهده يجعلنا ندرك أنه ذو مخيّلةٍ عالية صنعت مفهوماً تكتيكياً مختلفاً، كما أن طريقته اللامركزية فيها درس في فن التعامل مع البالتّة ومزْج المراكز، ولكنه كلما ضرب بفُرشاته على لوحة الرسم ظهرت لوحته باهتةً بعض الشيء، كثيرون لم يفهموا سبب بهتان الصورة رغم رقي الفكرة والتنفيذ، غيْر أن أصحاب العيون المتفحّصة يدركون أن ريشة كانيدا كانت ناعمة، وتظهر تلك النعومة في ريشة كانيدا من خلال ضرباتها الضعيفة أمام المرمى، والتي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن النصر لازال يحاول تجهيز رأس الحربة المتكامل.

في النصر عمالقة في خط الهجوم منع بروزهم تنوع ظروفهم ويأتي في مقدمتهم السهلاوي، وحين أتحدث عن السهلاوي فإنني أتحدث عن لاعب يمتلك مهارة تكنيكية فطرية وذكاءً ممتازاً في فن التحرك والتمركز. هذا المهاجم الذي يُعتبر أحد أفضل هدافي الكرة السعودية على الصعيدين الرقمي والفني يعاب عليه عدم ترصيع جسده بالعضلات المفتولة. وإن كان المثل الشعبي يقول : (الزين ما يكمل) فإن السهلاوي باستطاعته مخالفة المثل ببناء جسده وشدّه والأمر سهلٌ جداً. فالمسألة لا تتعدى تمرين ساعة يومياً ولمدة عام في صالة الحديد بعد التمارين الاعتيادية. لأن التركيز على شد عضلات الفخذ الخلفية يعطي سرعة الحصان، وتقوية الجزء العلوي من الجسد مع عضلتي الفخذين الأماميتين يعطي صلابة الدبابة، وشد عضلات الساقين والبطن يمنحان قدرة تسديد مدفعيّ.

والنصر لا يمتلك عملاقاً واحداً فقط، فقد أحضر موهبةً كبيرة تتمثل في البرازيلي هيرناني، منع بروزه حتى الآن حضوره المتأخر عن المعسكر اللياقي في تركيا، هذا ما جعله دائماً متخلّف لياقياً فتسبّب ذلك بتعدد إصاباته وتكرارها. وهذا الأمر سيتغير بمجرد أن تبدأ عضلاته بالتعود على قوة التمارين مع مرور الوقت، عندها سيتوقف سيناريو الإصابات ويتحول إلي سيناريو التأقلم اللياقي والفني والتكتيكي، وربما يحتاج هيرناني للانتقال من السيناريو الأول إلى السيناريو الثاني الدور الأول كاملاً كما حدث مع إلتون الموسم الماضي. عندها سيكون هيرناني جاهزاً للدخول لمرحلة السيناريو الذي حضر من أجله وهو سيناريو هز الشباك. ولا شك لديّ في ذلك مطلقاً طال الوقت أو قصر، فاللاعب هيرناني صفقة معروفة ومدروسة وليست على طريقة (شختك بختك)، ولذلك يجب أن يؤمن النصراويون أنهم يمتلكون مهاجماً كبيراً يحتاج للتأقلم فقط.

ويتبقى العملاق الأخير فنياً حسن الراهب، والذي كلما مُنح الفرصة أثبت أنه عملة نادرة وهداف بارع ونجم ساطع، وقد يكون وجود مهاجميْن عملاقيْن إلى جواره سببٌ في عدم استمراره أساسياً رغم جاهزيته التامة. هذا النجم الذي كلما دخل الملعب صال فيه وجال، يطرد الكرة أينما تدحرجت فيسجل الأهداف ويصنعها، ويعرف كيف يسم المدافعين باللونين الأصفر والأحمر. والحقيقة أنه لو لم يكن في النصر إلا الراهب لكفى.

ويتضح لي أن لو اجتهد السهلاوي على تكوين عضلات جسده وزيادة سرعته وقوة تسديداته فإنه الأساسي الأبدي للنصر والمنتخب حتى يعتزل

محمد المسمار

al_mismar@

7