أنصار النادي الأهلي لا يتقبلون أي كلمة ناقدة بحق فريقهم، خصوصاً حين يأتي النقد من صاحب رأي يرون أنه ليس أهلاوياً، وبذلك فهو في نظرهم يتدخل في غير شأنه، هم في ذلك كبقية أنصار الأندية الأخرى؛ لكنهم يرفعون من سقف احتجاجاتهم أكثر مع كل رأي مهما كان طبيعياً بل حتى وإن كان ضعيفاً؛ إذ يعتبرونه اقتحاماً لشؤون ناديهم الخاصة، فيبدأون بالهجوم اللفظي العنيف على طريقة “ويلك يا اللي تعادينا يا ويلك ويل”.
ربما يكون سبب تشنج “المدرج الأخضر” أنهم لم يعتادوا على النقد المباشر والصريح لكل تفاصيل الشأن الأهلاوي من الكُتاب ذوي الميول الخضراء، ولذلك لم “تتبرمج” ثقافتهم على قبول الرأي الآخر، اذ إن الغالب على الأطروحات المهتمة بشأن النادي أنها ميّالة إلى “الطبطبة” وفي أفضل الأحوال إلى المواربة أكثر من ميلها إلى وضع الأصبع على الجرح فكيف بالضغط عليه.
في أغلب الأندية ذات الاحتشاد الإعلامي تجد الإعلاميين المهتمين بشؤونه ينقسمون في رؤاهم الخاصة، وتوجهاتهم الإعلامية إلى (معارضة) و(موالاة)، ويصطف فريق منهم مع إدارة النادي، بينما يناوئها فريق آخر، يحدث ذلك في الاتحاد، والنصر، والشباب، بل وحتى الهلال المعروف بتراص صفوفه الإعلامية حدث فيه ذلك غير مرة، خصوصاً في المحطات المفصلية، وفي ذلك إثراء للنادي وتقوية له، وهو ما لا نراه في النادي الأهلي اذ تبدو المواقف الإعلامية واحدة، والأطروحات مستنسخة كربونياً.
شخصياً ربما أتفهم الأسباب فبعض من جرّب اتخاذ مواقف معاكسة للموقف الموحد في اعوام مضت وجد نفسه معزولاً بل ومخوناً، وربما أقل ما قيل فيه أنه ليس أهلاوياً، باعتباره قد شق الصف، وخرج عن الإجماع، ولذلك بات النسق الأهلاوي الإعلامي يتقولب بشكل واحد، ويسير في وتيرة لا يكاد يخرج عن الخط المرسوم لها قيد شعرة، حتى بدا الفريق الإعلامي وكأنه فرقة أوركسترا منتظمة في التناسق ودقيقة في الأداء.
كل ذلك أراه سبباً فيما يحيق بالنادي الأهلي، لاسيما من جهة ابتعاده عن تحقيق بطولة الدوري لثلاثة عقود، وهو ما لا يليق بنادٍ باسم ومكانة الأهلي الذي عرفنا مذ تلمسنا الطريق للكرة السعودية بأنه قلعة للكؤوس؛ لا أقول أنه السبب الوحيد، لكنه سبب رئيس، اذ يجد صانع القرار الأهلاوي نفسه بمنأى عن الضغوطات الإعلامية، وبالتالي بعيداً عن المحاسبة الجماهيرية حتى يسقط في كل مرة الفأس على الرأس فيبدأ البكاء على اللبن المسكوب!.
ما يحدث في الأهلي هذا الموسم، حدث في الموسم الماضي والذي قبله، وفي مواسم عديدة ماضية اذ يبدأ الفريق مرتبكاً، تعتريه الأخطاء، واحدة منها افتقاده لكافة العناصر الأساسية القادرة على صناعة الفارق، والعناصر الاحتياطية التي “تملأ العين” كما نراها اليوم مثلاً في الهلال والنصر تحديداً، فضلاً عن (الرباعي الأجنبي) الذي لا يفترض أن يختلف عليه اثنان!.
كل ذلك غير موجود في الأهلي، فالكتيبة الأساسية تعاني ما تعانيه، والفرقة الاحتياطية لا تبدو قادرة على الإسناد والدعم، أما الأجانب فيكفي أن نرى باولومينو وإسحاق بروميس جالسين إلى جوار المدرب السويسري لندرك أن الشق أكبر من رقعة غروس، وبيريرا، وياروليم، إلى نيبوشا ولازاروني وبقية الطواقم التدريبية التي ظل يغص بها مطار الأهلي منذ أكثر من 30 عاماً ذهاباً وإياباً في كل عام.
مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة الرياض