نتفق أو نختلف، شئنا أم أبينا، بالأرقام والإحصاء يبقى لدورة الخليج وهَج خاص، كبرنا أو تكبرنا عليها، حاولنا الفلسفة والتفلسف، وقلنا إنها بطولة إقليمية لا تتعدى مياه الخليج العربي، وتعمّقنا أكثر وقلنا أكثر من ذلك إنها لم تعُد ولادة للنجوم ولم تعُد مشجّعة لبناء المنشآت والملاعب في الخليج، وذهبنا إلى أبعد من ذلك وقلنا إنها أصبحت عبئًا علينا تزاحم أجندة الآسيوي والدولي..!!
كل ذلك وأكثر لم يهزّ شعرة في رأس أبناء الخليج من القادة والمسؤولين والنجوم والجماهير وحتى الإعلام الذي ينظر في هذا الاتجاه تجده أول الحاضرين للدورة، وأول المستعدّين لها، وأول مَن يدفع الأموال الطائلة من أجل تغطيتها والبحر في أحداثها لمعرفته بمدى المساحة الكبيرة لها في قلوب مشاهدي دول الخليج العربي..!!
بصراحة هي لغز محيّر، فتّشت عن الحل في كل دورة يتسنى لي الحضور بين دهاليزها وأروقتها وقصصها وصخبها..!!
وفي كل مرة أجد نفسي في محطة الفشل، أعجز عن الوصول لحل هذا اللغز الذي لم يكشف منذ العام 1970م ..!!
علينا الاعتراف في بداية الأمر بأن هذه الدورة تحظى بدلال منطلق النظير قياديًا وجماهيريًا وإعلاميًا، وعلينا إنصافها بأنها ساهمت في بداية انطلاقتها في تدعيم البنية التحتية للرياضة الخليجية من حيث المنشآت والملاعب والمرافق، وساهمت أيضًا في تطور الكرة الخليجية بوصول بعض منتخباتها إلى نهائيات كأس العالم وفرخت النجوم، بل علينا الاعتراف بأنها ساهمت بصورة أو بأخرى في تطوّر الإعلامي الخليجي، وإذا أردنا التدقيق أكثر فإن الإعلام الرياضي الخليجي هو مَن فتح باب الحرية للمضامير الأخرى، وهو الذي شكّل مساحة للحرية بشكل واضح في القضايا الرياضية.
ولكن يبدو أن تلك الحرية انقلبت ضدها، لأن الإعلام الخليجي المرئي والمكتوب وحتى المسموع قد خرج عن النص في الآونة الأخيرة، بل إن الدورة من وجهة نظر البعض وأنا منهم تحوّلت من لعبة كرة القدم إلى لعبة (إعلامية) بامتياز، فما يقدّم داخل المستطيل الأخضر لمنازلات الدورة لا يرتقي أبدًا لما يُقدّم في الفضائيات، وما يُفرد له من صفحاتٍ في الإعلام المقروء..!!
لا يمكن أن نتجاهل ما يُنفق على هذه الدورة من أموال طائلة، لكننا نصفق أن هذه الدورة تحوّلت من الخسارة المادية للبلد المضيف سابقًا إلى الربح المادي في الآونة الأخيرة، وهذا يؤكد نجاحها وملاءمتها للعصر، فلم تعُد دورة الخليج تقليدية ولم تعُد عبئًا على الدولة المضيفة، وهي دورة مربحة ماديًا..!!
خليجي 22 بالرياض، نتمنى أن يتواكب صخبها الاعلامي والجماهيري مع المستويات الفنية، لاننا في الدورات الأخيرة أصبحنا نشاهد وهجا اعلاميا وجماهيريا، لكن المستويات الفنية داخل المستطيل الاخضر (في خبر كان).
مقالة للكاتب عيسى الجوكم عن جريدة اليوم