ليس من الحكمة أن يدخل المنتخب السعودي كأس الخليج المقبلة على أراضيه، وهو يعيش وضعية متأرجحة لا تتجاوز الجيد وتنزل غالبا إلى الرديء.
.. ويعتقد كثير من متابعي الكرة الخضراء، أن الكأس الإقليمية ليست مهمة، مقارنة بالقارية التي ستتبعها مباشرة بعد شهرين، وهو رأي صحيح عندما كان الأخضر السعودي ينتصر على القاريين، وسقف طموحاته يتجاوز الإقليم إلى القارة، أما والحال غير ذلك الآن، فالخليجية مَهَمّة.. مُهِمة، وبها يستطيع فريقنا الوطني التسلح بزاد معنوي عال قبل شد الرحال إلى أستراليا في كانون الثاني (يناير) المقبل، ناهيك عن أن بطولة الخليج ستقام في عرين الأخضر، على دياره وبين جماهيره ولا عذر من انتزاع كأسها وإعادتها إلى الرياض بعد غياب 11 عاما.
حالة المنتخب السعودي المعنوية في أدنى درجاتها، تتنازعه رغبات الجماهير، وجروح الماضي القريب، وصخب المنافسات المحلية التي تطغى ألوانها على لونه، وحالته الفنية ليست على ما يرام أيضا، تصعد إلى وسط المؤشر، ثم تتهاوى إلى القاع، وهي انعكاس لوضعه النفسي السيئ.
.. يحتاج الأخضر إلى خطوات إجرائية عاجلة تخرجه من حالة اللاتوازن، تشحذه بطاقات إيجابية، تعيده إلى المسار الصحيح قبل أن يسقط في تعثر جديد، يزيد من الأحمال السلبية، ويخلف جروحا غائرة في جسده معرضة للالتهاب في النزالات الآسيوية المنتظرة على الديار الأسترالية .. وكلنا يستطيع أن يتحدث عن الداء، فماذا عن الدواء؟
في الخطوة الأولى، أعتقد أن علاقة لوبيز – الأخضر، انتهت، هي مرحلة وقتية مقررة سلفا، أدت الغرض منها وبات على القائمين عن منتخب البلاد، طي صفحات المغمور الإسباني مع جزيل الشكر والعرفان على قبوله بالمغامرة، وعلى ما قدمه، فالشواهد الحاضرة تشير إلى أن الرجل أصبح “كرتا” محروقا بين لاعبيه قبل الجماهير، وطموحات الرجل – وفق برامجه التحضيرية – متذبذبة لا تنبئ عن هدف واضح، ويشوبها التردد والخوف من الإقدام والتغيير.
في الثانية، يستحسن أن يتم التفاوض مع مدربين سبق لهم العمل في الكرة السعودية، على أن تكون الجرأة على التغيير والشجاعة في اتخاذ القرارات أهم صفاتهم، وهذا واضح في مدربين سابقين، أولهما البرتغالي فيتور بيريرا مدرب الأهلي السابق، والآخر دانيال كارينيو بطل الثنائية مع النصر.
ثالث الخطوات، ربما من الواجب على بعض اللاعبين المخضرمين تعليق الحذاء الدولي، وإن لم يفعلوا من أنفسهم، فخلو قائمة كأس الخليج منهم أمر حتمي، من أجل صحة الأخضر الفنية والمعنوية. لدينا جيل شاب رائع يحتاج إلى تعزيز الثقة به بشكل كامل. لا بد أن يشعروا بالمسؤولية.
علينا أن نعزز الثقة بـ : العنزي، بصاص، الحربي، معتز هوساوي، سالم الدوسري، غالب، شراحيلي، العابد، صالح العمري، يحيى، محمد قاسم، عبد الفتاح عسيري، عبد الرحمن الزهراني، وليد باخشوين، محمد كانو، محمد الفهيد، المقهوي، وغيرهم من الوجوه الشابة التي تمتلك الموهبة والحماسة، وتفتقد إلى الثقة والجرأة، ولا يمكن أن تتوافر فيهم وهم يجلسون على مقاعد البدلاء، أو يقفون في ظلال الأسماء الكبيرة تاريخيا في المنتخب.
طوال تاريخنا في كأس الخليج، كانت مشاركتنا فيها – إلا فيما ندر – مثل من يلقي بنفسه في عش دبابير، ما إن تبدأ البطولة إلا وتتفجر مشكلاتنا القديمة والجديدة، وتحضر الإقالات والاتهامات، والخصومات، الآن هي فرصة مناسبة كي ينطلق هؤلاء الشبان إلى تاريخ جديد بالكامل، ونبدأ معهم جميعا صفحة جديدة.
مقالة للكاتب بتال القوس عن جريدة الاقتصادية