في نفس هذا الشهر من العام 2012 قرر احمد عيد رئيس اتحادنا الكروي الحالي ورئيس الاتحاد الانتقالي في ذلك الوقت تأجيل مباراة دورية للأهلي أمام الاتحاد بذريعة أن الأول كان يتحضر لخوض مباراة له في الدور ربع النهائي لدوري أبطال آسيا، مرفقاً مع قراره بياناً عرف يومها ببيان “الذات العام”، حيث جاء تبرير القرار وفق ما نصه “تحقيقاً للمصلحة الوطنية و(الذات العام) وحرصاً على تحقيق نتائج إيجابية للأندية المشاركة في البطولة الآسيوية، وما تحتاجه مباريات مرحلة خروج المغلوب من إعداد بدني وتكتيكي مكثف للفرق المشاركة وإلى الوقت الكافي لإعداد فرقها لمثل هذه المباريات الهامة”.
ذلك القرار والبيان معاً أحدثا يومها لغطاً كبير وتندراً عارماً في الشارع الرياضي، حيث إن اتحاد الكرة أصدر قراره دون موافقة نادي الاتحاد الذي أبدت إدارته انزعاجها من هذا التجاهل، كما أن اتحاد الكرة نفسه رفض طلباً من نادي الفتح بتأجيل مباراته الدورية حيث كان يشارك في البطولة العربية حينها، وكأن اتحاد الكرة أراد أن يقول لأبناء الأحساء أحد أمرين: إما أن البطولة العربية بلا أدنى قيمة، أو أن المصلحة الوطنية و”الذات العام” لا تشملكم!.
ما زاد من استهجان الوسط الرياضي وتهكمه على القرار في ذات الوقت هو الارتباك الذي حدث داخل أسوار اتحاد الكرة بدءاً من سحب البيان الأول وحذف عبارة “الذات العام” التي أحدثت ردود فعل عنيفة وتفسيرات متباينة، ومن ثم إعادة توزيعه على الإعلام، مروراً بمحاولة إثبات أن نادي الاتحاد قد أعطى موافقته، وهو ما كانت تنكره إدارة النادي آنذاك حيث أصدرت بياناً عبرت فيه عن استيائها من التأجيل، وعلى الرغم من كل ذلك فقد ضرب اتحاد الكرة بكل ردود الأفعال تلك وأجل المباراة.
اليوم عجلت المواقف أعادت دورانها للخلف وها هو الهلال يطالب باستثناء لاعبيه من الانضمام لمعسكر المنتخب لمواجهة استراليا الودية بغية تجنيبهم الإرهاق حيث تنتظر الفريق مواجهتان مصيريتان في الدور نصف النهائي لدوري أبطال آسيا ليأتي الرفض صارماً من إدارة الاتحاد ومدرب المنتخب بحجة أن هذا الاستثناء سيربك إعداد المنتخب لبطولتي آسيا والخليج، وأن النظام الدولي يمنع ذلك، وأن “زمن الاستثناءات ولّى”!.
أنا هنا لا أقول أن من اللازم على اتحاد الكرة الاستجابة للطلب الهلالي، فأنا ضد لعبة الاستثناءات طالما أنها لا تتوافق مع مقررات (الفيفا) القانونية؛ لكنني أردت أن أعقد مقارنة بسيطة تفضح سوء التعاطي لمسيّري كرتنا وتهافت مواقفهم ليس في هذه القضية بل في كل القضايا، حتى في استخدام (الوطنية) و(المصلحة العامة) كمبرر حيث صيّروهما ثوباً يمكن توسيعه وتضييقه متى شاءوا، فما هو مدعاة للوطنية والمصلحة العامة بالأمس ليس هو كذلك اليوم “وكله بالمزاج”!.
أكثر ما عرّى الموقف وفضحه هو تطابق الظرفين بين الأهلي والهلال، مع أن حجة التأجيل للأخير أقوى كونه سيلعب في نصف النهائي، ويسعى لإراحة لاعبيه عن مباراة ودية، لكن يبدو أن الشيء الوحيد الذي أضعف مطلب الهلال ليس تغير الاتحاد، فالرئيس واحد، وإنما افتقاد الهلال ل”الذات العام”، وإلا لكان عليه فقط أن ينادي: وعندك واحد ذات عام وصلحه لتستقيم الأمور له!.
مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة الرياض