على طريقة ما كان يعرف في الكرة الكويتية بأندية التكتل وأندية المعايير والذي ترتب عليه انقسام حاد في الصف الرياضي في الكويت وانشقاق واضح في بنيان الكرة هناك ما أدى إلى تجميد (الفيفا) لنشاط الاتحاد الكويتي، يبدو أن الأمر سيتكرر في الكرة السعودية بصورة أو بأخرى، وإن كانت الأسباب مختلفة حيث إن المال هو لب الصراع هنا في وقت كان النظام العام هو أصل الخلف هناك.
الواضح اليوم أن هناك انقساماً خطيراً بين الأندية السعودية على آلية توزيع إيرادات الدوري والتي تقرر لها 50% بالتساوي بين الأندية، و50% بحسب المراكز، وهو الانقسام الذي تحاول رابطة الدوري القفز عليه تحت سياسة الأمر الواقع، حيث تم الإعلان عن ذلك رسمياً وسط رفض (أندية التكتل)، وهو ما يزيد من حنقها حيث بلغ بها الغضب حد التلويح بتحريك دعوى لدى (الفيفا) ضد اتحاد الكرة ومن خلف الرابطة.
الخوف من تصاعد ألسنة الصراع وتشظيه كبير؛ خصوصاً وأن (أندية التكتل) ترى أن الرابطة تتجاهلها ولا تدير بالاً لمطالبها، وتزيد على ذلك بأن الرابطة يفترض عليها أن تكون مع الأندية لا ضدها، في وقت تراها تصطف مع اتحاد الكرة، وليس سراً أن بعض أعضاء التكتل يصرحون علانية بأن الرواتب التي يتقاضاها مسؤولو الرابطة من الرئيس محمد النويصر وحتى بقية الأعضاء هي من جيوب الأندية، بل أن بعضهم يدفع باتجاه حتمية إقالة النويصر باعتباره – كما يرون – رأس الحربة في وجه مطالبهم.
أدرك تماماً أن الصراع الحاصل الآن في الكرة السعودية لا يمكن مقارنته بالصراع في الكويت؛ خصوصاً وأن الصراع هناك اختلط فيه الشق الرياضي بالسياسي لوجود شخصيات اعتبارية كالشيخ طلال الفهد ومرزوق الغانم إلى جانب دخول مجلس الأمة على خط الصراع ما اضطر أمير البلاد للتدخل، لكن الصراع هنا قد يتطور إلى أمور بعيدة؛ خصوصاً مع تلويح بعض رؤساء الأندية بتجميد المشاركة في الدوري، وهو كلام لا يقال خلف الجدران، إنما يتداوله بعض رؤساء تلك الأندية بصوت مسموع، بل إن بعضهم قد لوّح في الموسم الماضي في قضية إيرادات رعاية الدوري بتعليق المشاركة فيه علانية، وهو تطور خطير في تاريخ الرياضة السعودية.
ما يرشح من الأخبار التي تتسرب من الدائرة الضيقة للمتكتلين أنهم على استعداد للتفاوض حول مطالبهم وأن رغبتهم في الحصول على ما نسبته 80% بالتساوي بين الأندية مقابل 20% بحسب الترتيب العام لا تعدو سوى رفع لسقف المطالبة حتى يصلوا من خلال هذا التصعيد إلى نقطة تلاقي مع الرابطة، وتذهب المصادر إلى أنهم على استعداد للتسوية على ما نسبته 60% بالتساوي و40% بحسب الترتيب، وإن ثبتت صحة تلك الأخبار فلابد على اتحاد الكرة والرابطة من العمل على تجسير هوة الخلاف وعدم التعنت لما فيه صالح الكرة السعودية.
شخصياً أنا ميّال للقرار القاضي بمناصفة العوائد 50% بالتساوي و50% للترتيب العام، وهو الاقتراح الذي قدمه الأمير عبدالله بن مساعد قبل عام ونيف؛ لكن في ذات الوقت أنا مع أن يكون للأندية جميعاً صوتها المسموع ومطالبها المستجابة تحت مظلة القانون وحول طاولة التفاوض لا بالتعنت، ولا بخيار الأمر الواقع، خصوصاً ونحن نعيش في عصر الانتخابات، وثقافة الحوار وتحصيل الحقوق.
مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة عكاظ