بات من الواضح جداً أن الاتحاد السعودي لكرة القدم لا يريد أن يمر وقت وإن كان قصيراً من دون أن يقدم مشهداً كوميدياً يؤنس بها الوسط الرياضي الذي يعيش حالة سخط عنيفة تجاهه، ما جعله يستقبل هذه المشاهد على طريقة الكوميديا السوداء؛ إذ بقدر ما فيها من ألم إلا أنها تجبر متابعيها قسراً على الضحك!.
ذلك هو الواقع، وليس من قبيل التندر أو التهكم، فأحد المشاهد الكوميدية لمسرحية الاتحاد السعودي المفتوحة أنه أنهى الموسم الرياضي للعام المنصرم والذي شهد ألواناً من الأخطاء وصنوفاً من التجاوزات بقرار يقضي بتشكيل لجنة منفصلة لتقييم عمل اللجان العاملة في الاتحاد ونصّب عليها عضو الاتحاد الدكتور عبداللطيف بخاري وبمعيته بعض الأعضاء، إلى هنا ولا شيء يستدعي الضحك.
اللجنة الطارئة قضت بعد تدقيق وتمحيص بفشل عدد من اللجان لأسباب موضوعية ومهنية صرفة باعتراف بخاري الذي كان متصالحاً مع نفسه، وأميناً على مسؤوليته، وشفافاً مع الوسط الرياضي حينما خرج للإعلام ليقول كلاماً جريئاً عرّى من خلاله اتحاد الكرة وكشف واقع ما يدور في داخله.
خذوا مثلاً: قال عن الأمين العام احمد الخميس كلاماً كبيراً أقل ما فيه أنه مهمل ومركزي ومعطل لأعمال الاتحاد، وقال عن رئيس لجنة الحكام عمر المهنا بأن لجنته تعاني من ضعف إداري، وأنها تفتقد للأعضاء الذين يتمتعون بالحنكة والخبرة الإدارية، وأن اللجنة كانت تعاني من قصور كبير كغياب التوافق بين الأعضاء ورئيس اللجنة، فضلاً عن حملته على لجنة الاعلام التي وصف بأسوأ اللجان، وكذلك موقفه من لجنة الانضباط والتي استدعت عضو اللجنة المنحلة ناصر الحمدان ليقول له: من أنت ؟!
ماذا جرى بعد ذلك؟!
هنا تحضر الكوميديا السوداء بكل إبداعاتها، فالخميس الذي لم يبقِ فيه بخاري ولم يذر لا يزال «القوي الأمين» في بيت الكرة، والمهنا الذي عرفنا من بخاري أنه يفتقد مبادئ الإدارة فضلاً عن القيادة بقي على رأس هرم لجنته من باب فاقد الشيء يعطيه، ولجنة الانضباط التي قلبت رأساً على عقب لا يزال الربيش يبسط سطوته عليها، في رسالة واضحة بأن العيب في الأعضاء لا في الرئيس، أما ذروة الحدث ففي رئاسة لجنة الإعلام إذ آلت لمن كان للتو يوزع كبسولات التعصب المقيت في مواقع التواصل الاجتماعي.
الواقع الجديد في اتحاد الكرة والذي اتضح بجلاء على إثر التشكيل الأخير للجان يضع رئيس الاتحاد احمد عيد أمام حقيقة لا مفرّ منها وهو أنه إما أن يكون منفصلاً تماماً عن هذا الواقع ومغيباً عن ما يدور فيه، أو أنه ضعيف إدارياً ولا يستطيع فرض واقع جديد ليس وفق ما يتوخاه الشارع الرياضي بل على أقل تقدير بناء على ما كشفته لجنة تقييم اللجان، وفي كلا الحالتين فهو يتحمل المسؤولية خصوصاً وهو صاحب حملة خبرة تستهدف المستقبل، والذي اكتشفنا أنها لم تكون سوى مشهد من مشاهد الكوميديا السوداء في مسرحية اتحادنا الكروي.
عن الرياض