المنتخب الوحيد في العالم، وكذلك الجمهور الوحيد في العالم، وأيضا الإعلام الوحيد في العالم، الذي لا يجعل المدرب كبش فداء في خسائره أو إخفاقاته، هم الألمان.
تاريخيا.. المنتخب الألماني الأقل تغييرا في المدربين، بل إن المدرب الذي يصل لمحطة تدريب الماكينات (يعمر) لسنوات، بغض النظر عن الإنجازات والإخفاقات.
لوف المدرب الحالي، كان مساعدا لزميله كلينسمان في 2006م، وبعد استقالة الأخير، استلم زمام الأمور، وخسر يورو 2008 وكأس العالم 2010 ويورو 2012، ومع ذلك لم تحدث هزة في الأوساط الرياضية قي ألمانيا، وكان هناك عمل وتخطيط وإيمان من الجميع أن البناء يسير في الطريق الصحيح، حتى وإن خالفت النتائج ما يخطط له.
ثقافة المجتمع تنتقل لجوانب عديدة في الحياة، تؤثر على السياسة والرياضة والعادات والتقاليد، وحتى طريقة التفكير، ويبدو أن طريقة تفكير الألمان في عالم كرة القدم، لا تتأثر بالعاطفة، فهي عقلانية وواقعية.
وإحدى صور تلك العقلانية والواقعية، هي المعادلة التي تضم في طرفيها المدرب لوف والنجم كلوزه، فالأخير كان يحتاج لهدف ليتساوى مع النجم البرازيلي رونالدو في سباق الهدافين الأكثر تسجيلا في نهائيات كأس العالم، ولكن لا المدرب لوف تعامل بعاطفته ولا النجم كـ (اسم كبير) حاول استغلال عاطفة جمهور وإعلام بلده، ولا حتى الجمهور طالب بتحقيق ذلك على حساب التشكيلة ورؤية المدرب، رغم المطالبات الكبيرة من غير الألمان بمشاركته أساسيا في مباريات الدور الأول؛ ليحطم الرقم القياسي في هذا المجال، لكن العاطفة ليست منهجا عند الألمان، وبقى معظم مباريات الدور الأول احتياطيا، قبل أن تتاح الفرصة له ويحقق هدفه بالوصول إلى الهدف الـ16، وفق مخطط المدرب ومصلحة الفريق، لا مصلحة الفرد على حساب المجموع.
ولو حدثت تلك المعادلة في منتخب آخر عالمي، حتى ولو كان أوروبيا، لقامت الدنيا ولم تقعد، أما لو حدثت هذه المعادلة في منتخبات أمريكا اللاتينية فلربما طالب الجمهور والإعلام برأس المدرب.
في ألمانيا.. الإنسان مبرمج على الصناعة والدقة والتركيز، وقريب جدا من الآلة التي تعمل وفق منهج واضح، لذلك لم تأخذ الرأفة مكانا في قلوب لاعبيهم، وهم يدكون شباك البرازيليين بوابل من الأهداف، ويرون حرقة ودموع جماهيرهم في المدرجات، وظلت أقدامهم ورؤوسهم تعمل حتى آخر رمق من المباراة، وأجزم لو أن منتخبا آخر في الملعب؛ لتعاطف مع السامبا بعد أن ضمن النتيجة، وخفت وتيرة لعبه، ولكن الألمان (غير).
أعود لاستقرار المدربين في المنتخب الألماني، وأترك لكم هذه الإحصائيات التي تشير إلى أن عشرة مدربين فقط أشرفوا على منتخبهم في نهائيات كأس العالم، وهم: أوتو نيرز (1926-1936)10سنوات، وسيب هيربرجر (1938-1962) 24سنة، ودرب المانيا في4 كؤوس عالم، وهيلموت شون (1964-1978) 14سنة، ويوب ديرفال (1978-1984) 6سنوات، وفرانتس بكنباور (1984 – 1990) 6سنوات، بيرتي فوغتس(1990-1998) 8سنوات، وإريك ريبيك (1998-2000) سنتان، ورودي فولر (1999-2004) 5سنوات، ويورغن كلينسمان (2004-2006)سنتان، ويواخيم لوف (منذ2006) 8سنوات.
وسلامة فهمك يكفي..!!
مقالة للكاتب عيسى الجوكم عن جريدة اليوم